في الجزائر اليوم، حرب ضد الاستعمار، مقدسة معلومة، ويشترك أهل هذه الديار جميعا، على اختلاف مشاربهم في تأييدها، ولم يعد من بينهم متطرف ومعتدل، ومحارب ومسالم، بل أصبح الكل متطرفا ومحاربا، والكل يطالب بالانفصال عن فرنسا، وبالإستقلال التام، والسيادة الكاملة.
من أجل ذلك، صارت زمام الأمور مجتمعة كلها بين يدي المقاتلين وقادتهم، وسائر أبناء الأمة تبع لهم، وإنما تنقسم الحركة اليوم عندهم من حيث الاختصاص إلى شعبتين، إحداهما حربية، توجهها قيادة جيش التحرير، والثانية سياسية، تقودها جبهة التحرير، وهما في الواقع شيء واحد، وبما أن كل ما يصدر عن هذه الناحية، من بيانات، هو وحده المعتمد، لذلك نرى من المهم جدا، أن نثبت هنا، وجهة نظرهم السياسية والحربية، في طائفة من مناشيرهم الرسمية، وبين أيدينا الآن جملة منها صالحة، نشرها رجل فرنسي كبير، هو السيد مندوز، - الأستاذ بكلية الآداب بجامعة الجزائر، ومدير مجلة:"الكونسيونس مغربيان" أي "الضمير المغربى"، جمعها في جزء خاص في مجلته، واعتمدنا في ترجمتها على جريدة الصباح التونسية، ومن هذه المناشير الرسمية، يستطيع القارئ أن يعرف جيدا، موقف الثوار السياسي والحربي من قضية الجزائر، ومن قضية المغرب عامة، كما يستطيع أن يأخذ فكرة واضحة، عن قيمة رجال هذه الجبهة، وما يتحلون به من سعة التفكير، ووضوح الاتجاه، ونبل الغاية، وإليك ما جاء في المنشور الأول: