تقوم جمعية العلماء بهذه الأعمال الجبارة، التي تفوق قدرتها المالية، وقد تفوق قدرة الأمة أيضا، وهي - بعد - لم تزل في حاجة ملحة إلى إكمال وتثبيت ما بنته، ثم إلى إعلاء ذلك البناء والزيادة فيه.
أما التثبيت والإكمال فبإنشاء عشرات من المدارس الثانوية، لتستوعب ما تخرجه المدارس الابتدائية الحاضرة، وإنشاء عشرات من مدارس المعلمين والمعلمات، لأن مدارسها الابتدائية استنفذت كل ما عندها من المعلمين، وإذا كثرت المدارس الجديدة احتاجت إلى معلمين جدد، وعليه فإنشاء هذا النوع من المدارس ضروري لنمو هذه الحركة، وتقدم هذه النهضة، وإلا تعطلت وانهارت، ولا واسطة بين الطرفين.
وأما إعلاء البناء والزيادة فيه، فبمضاعفة عدد المدارس الابتدائية إلى المئات.
واجب جمعية العلماء هنا، هو التبليغ الصادق للحكومات العربية، الممثلة في جامعة دولها، وواجب الحكومات الإسراع بالنجدة، بالكيفية التي تراها، بعد أن تؤمن بما شرحناه لها من حالة الجزائر، في المذكرات المتتابعة للحكومات وللجامعة، والله يعلم أن ما شرحناه، ووصفناه قليل من كثير، ولا يقف في طريقها احتمال اعتراض فرنسا على هذه النجدة، فالوقت والضرورة والواجب، لا يسع لهذا الاحتمال، فقد آن لحكوماتنا العربية أن تقف موقف الحزم والصلابة، من فرنسا المتعنتة، التي تحارب الثقافة والإنسانية - فضلا عن العربية والإسلام - في المغرب العربي، ولا تتساهل كما تساهلت في قضية المعهد الثقافي بالجرائر، وفي العهد الثقافي في طنجة، وفي فضية أحداث قنصليات في عواصم المغرب ولو لتأشيرة الحجاج، وفي قضية الباخرة فوزية وغيرها.
ونحن نؤكد لرجال حكوماتنا العربية بالصدق والشرف، أن تساهلهم في تلك القضايا، زاد من جرأة فرنسا علينا وعليهم، وحكوماتنا تعلم كما نعلم أن بيدها