بعثت جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية بالمذكرة التالية، إلى كل من سفراء بريطانيا العظمى والولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، والصين، ودول الجامعة العربية.
حضرة المحترم ...
ترجو جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية بمصر، رفع المذكرة الآتية لحكومتكم الموقرة ولكم الشكر الجزيل.
لقد انتهت الحرب العالمية الثانية، منذ سنة. وكان كل إنسان يرجو من وراء نهايتها، أن يرى بصيصا من النور، وأن يلمس جانبا من السعادة، وأن يسترد قسطا من الكرامة البشرية، وكان من بين الذين أبلوا بلاء حسنا، في سبيل نصر الجانب الديمقراطي، أمة الجزائر العربية المسلمة، فلقد شهد ببطولة رجالها وبلائهم، في سبيل الحرية، كبار قواد الحلفاء وكبار ساستهم.
من أجل ذلك، لم يكد يشرق عليهم يوم النصر ٨ مايو سنة ١٩٤٥، حتى استعدوا للاحتفال به، والاشتراك مع أهل الدنيا جميعا بإبداء السرور، هاتفين بالحرية منادين بالعدالة كما هو الشأن الطبيعي، ولكن الروح الاستعبادية الكامنة في خليط الفرنسيين والمتفرنسين بالجرائر، أنكرت ذلك، وعز عليهم أن يفلت من أيدهم عصر الاستعباد، فراحوا يجمعون ما تفرق من شملهم، وما تشتت من فلول جيوشهم، فوجهوها للأهالي العزل، ينكلون بهم حرقا وتقتيلا، فكانت الدماء، وكانت الثورة العامة، التي شملت البلاد من أقصاها إلى أقصاها، فدامت شهرا، ومات فيها من الأهالي ما يناهز ستين ألفا، وسجن من أجلها سبعين ألفا، لا يزال مصيرهم مجهولا لدينا إلى الآن.