أما المفاوضات، فالواقع كانت تتصل وتنقطع طيلة السنين السبع.
وأكثر الإيطاليون من إرسال المندوبين والمفاوضين إلى السيد عمر، ولم تكن هذه المفاوضات تسفر عن شيء بل كانت تقطعها دائما غضبة من السيد عمر، لكلمة أو إشارة تصدر عن المفاوض الإيطالي، يفهم منها معنى التعالي والازدراء.
وسعى إليه المارشال بادوليو، مرة بنفسه، والتقى الطرفان في سيدي رحومة، بين جمع من المشايخ العرب وقواد الإيطاليين، واتفقوا على شروط حملها معه بادوليو ليحصل على موافقة حكومته عليها.
وذهب باديليو ولم يعد، فأرسل السيد عمر مندوبا من قبله، هو الحسن بن رضا السنوسي، فعاد إليه الحسن يحمل شروطا ظنها ترضي المختار، إذ تعهدت له فيها الحكومة الإيطالية، بمعاش قدره خمسين ألف فرنك في الشهر، وبناء بيت ومسجد ومأذنة، فلما اطلع السيد عمر على هذه الشروط، قال للحسن: غروك يا بني بمتاع الدنيا الفانية ورضيت بهذه الشروط المزرية.
وبعد زمن أغارت الطائرات الإيطالية، على الجبل الأخضر، تقذفه يالقنابل .. مكان قض الهدنة، وأذاع المختار منشورا يعلن فيه استئناف الثورة.
[المستميت لا يموت]
حين خرج المارشال باديليو من عند المختار قال عنه: إنه رجل مرتاح الضمير، قرير العين بما هو فيه.
عاش المختار هذه السنين الحالكة في هدوء نفس وراحة ضمير، وهو بهذا الهدوء وهذه الراحة، كان يقود ثلاثة آلاف من قومه بأسلحة بدائية، ضد ثلاثين ألفا من الأعداء، وكان أبناؤه يقتلون، فيرسل إلى المعمعة أحفاده، وكان أعداؤه