لقد مضى على الاستعمار الفرنسي الغاشم في بلاد المغرب العربي مائة وسبعة عشر عاما، لم يذق أثناءها - بحمد الله - لذة الراحة أمام الثورات المتعاقبة الخطيرة التي كان يقوم بها العرب الأمجاد ضد الغازين الغاصبين - إلا في فترات قليلة جدا - وأول ما وضع هذا الاستعمار قدمه في الجزائر المسلمة، واجهته قوة دولة البطل الإسلامي العظيم الأمير عبد القادر الجزائري الذي أذاق الفرنسيين أمر حياة عرفها تاريخ الحروب التحريرية مدة ثمانية عشر عاما كاملة، وأشهر ثورات المغرب العربي بعد الأمير عبد القادر ثورة الباش آغا المقراني سنة ١٨٧٠ وكادت تقضى نهائيا على النفوذ الفرنسي ثم طرده من البلاد، وأقرب ثورات المغرب العربي إلى الأذهان ثورة المجاهد الإسلامي الخالد الأمير عبد الكريم الخطابي الريفي، الذي أقض مضاجع الفرنسيين والإسبانيين معا مدة ثمانية أعوام كاملة ما بين سنة ١٩١٩ وسنة ١٩٢٧ ولولا تكاثر الخصمين معا عليه لاستطاع أن يسحق كلا على إنفراده مع عدم تكافؤ القوتين عتادا والأمير لا يزال يعاني ألم الغربة والنفي في جزر الرينييون إلى الآن والديمقراطيون متغافلون وإخواننا العرب مع الأسف ساكتون، ولعل عذرهم أنهم مشغولون بسواه وآخر هذه الثورات تلك التي اندلع لهيبها في مراكش والجزائر وتونس بعد نهاية هذه الخرب الطاحنة للمطالبة بالحرية والاستقلال والتي ذهب ضحيتها بين القتلى والجرحى والمعدمين والمشربين مئات الألوف، وقد رددت صدى هذه الحوادث الخطيرة جميع صحف