إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم عبد العزيز آل سعود عند زيارته لمصر
إن فرنسا يا صاحب الجلالة هجمت على بلاد الجزائر منذ مائة وسبع عشرة سنة، ودافعها أهلها بحروب نظامية استمرت نحو سبع عشرة سنة، ولما تغلبت عليه بكثرة الجند ووفرة السلاح، بسطت عليهم سلطانها وانتزعت منهم حقوقهم الحيوية والسياسية بل اعتبرت ذلك القطر قطعة من فرنسا، وجعلت النظر في شؤونه يرجع إلى وزارة الداخلية بباريس، بالرغم من أن قوميته ولغته عربية وأن دينه الإسلام.
ثم هجمت على البلاد التونسية منذ ست وستين سنة، وقدمت لأميرها محمد الشادق باي معاهدة وقع عليها مكرها بين مدافع فاغرة أفواهها إلى القصر، وجنود مدججين بالسلاح، ولم تقف عند هذه المعاهدة المغصوبة، بل قبضت على زمام الإدارة ولم تدع كبيرة ولا صغيرة من شؤون البلاد إلا وكلت التصرف فيها إلى طاغية من الفرنسيين، وإذا ألقيت إلى بعض الوطنيين منضبا في الحكومة، فإنما هو عمل صوري، والحقيقة أن الفرنسيين لا يتركون للوطنيين في سياسة المملكة من الأمر.
ثم هجمت على المغرب الأقصى (مراكش) منذ ثمان وثلاثين سنة، واحتلتها بمعاهده اضطر السلطان عبد الحفيظ لتوقيعها وتجاوزت حدود تلك المعاهدة، وأخذت تفعل في البلاد ما فعلت في تونس من الاستبداد وتصريف شؤون البلاد على قاعدة تثبيت قدم الاستعمار، وإيثار أبناء جلدتها بكل ما تجود به أرض ذلك القطر من خيرات.