لا يتسع المقام لأن نبسط القول في اضطهاد فرنسا لأولئك العرب المسلمين وعملها بالليل والنهار لأن يعيشوا في فاقة وحرمان وتفرق كلمة، بل تعمل في غير مبالاة لإخراجهم من دينهم الإسلامي إلى ملة غير الإسلامي، ومن قوميتهم العربية إلى الجنسية الفرنسية، ذلك أنها تعلم أن الثراء والعلم واتحاد الكلمة أساس الرقي إلى الحرية والعزة، وتشعر بأن الأمة التي تدين بالإسلام وتستضيء بهدى القرآن لا تخضع إلا لسلطان يحترم ديانتها ويسوسها بنظم شريعتها، ولا يرضى إلا أن تستعيد سيادتها وتتمتع باستغلالها.
وعرب شمال إفريقيا وإن وضعت فرنسا بينهم وبين الشرق حواجز، واتخذت كل ما استطاعت من وسيلة لقطعهم عن العالم الإسلامي، فإن بطولتهم واعتزازهم بسالف مجدهم لا زال ولن يزالا ينهضان بهم إلى المطالبة بحريتهم, واقتحام الثورات الدموية في سبيل هذا المطلب. لا يبالون بما تصبه عليهم فرنسا من عذاب التقتيل والتنكيل والزج في السجون.
وقد قدمت جبهة الدفاع عن شمال إفريقيا إلى جامعة الدول العربية مذكرات أودعتها جانبا كبيرا من فظائع الاحتلال الفرنسي لتلك البلاد، وتلقى رجال الجامعة هذه المذكرات بعناية وأصبحت قضية أولئك العرب الأبطال مشمولة بأنظارهم كما تنبئ بذلك تصريحاتهم ونرجوا أن يكون لهذه الخطوة النظرية خطوات عملية تشد أزر سكان تلك البلاد وتزيدهم قوة على الجهاد في سبيل استقلالهم واحتفاظهم بكيانهم الملي والقومي، وهذا ما سيكون بتوفيق الله ولا يضيع وإن كان مغتصبه جبارا عنيدا على اغتصابه عشرات أو مئات السنين متى كان وراءه طالب يأبى الضيم، فيسهر الليل وينفق كل مجهود في تخليصه.
وبقاء شمال إفريقيا في أيدي مغتصبيها منذ عشرات السنين لا تلقى تبعته على كاهل سكان تلك البلاد وحدهم، بل يسأل عنه كل عربي وكل مسلم في استطاعته أن يقوم بعمل، أو يجهر بقول يساعد على خلاص أولئك العرب المسلمين من أغلال الاضطهاد التي يضعها الفرنسيون في أعناقهم.