للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويكون القطر الجزائري مع تونس ومراكش وحدة جغرافية وعنصرية ودقنية وتاريخية، فطبيعة أرضهم واحدة، وقد انحدروا جميعا من أصل واحد، إما يمني أو مصري أو خليط منهما، نزحوا إلى هذه الأقطار، فارتبطت منذ القديم مصالحهم، وقربن بينهم وحدة الأمال والآلام. وكان أهل الجزائر وأبناء عمومتهم التونسيون والمراكشيون يدينون في الأصل بالوثنية، إلى أن ظهرت المسيحية، ثم انبثق نور الإسلام، فعمر القلوب واستقر فيها استقرارا راسخا، فإذا هو عقيدة ودين وقومية ...

على أن للجزائر طابعها الخاص، فعلى الرغم من تعاقب الغزو الأجنبي عليها قبل الإسلام، لم تتغير طبيعة أهلها، حتى أن الاحتلال الروماني - وقد دام ستة قرون - لم يؤثر في شخصيتها ونفسيتها إلا كما تؤثر الريح في صفحة الماء، فلم يبق من أثار روما وسلطانها الواسع في المغرب بصفة عامة، والجزائر بصفة خاصة، إلا تلك الصخور المنحوتة التي تصور لمن يراها مدى المحنة التي احتمل القرويون من أهل البلاد عبثها صابرين مستمسكين بتراثهم وتقاليدهم، فما هي إلا دلائل على صلابة الفلاح الجزائري الذي يقف في وجه الأعاصير الهوج ثابتا محتفظا بشخصيته معتزا بقوميته، متربصا بأعداء بلاده حتى تحين الساعة الموعودة فيجتث جذورهم ويقذف بهم وراء الحدود ...

والقطر الجزائري من حيث عدد السكان - بملايينه الأحد عشر من العرب والدخلاء عليهم - ثالث الأقطار العربية شرقا وغربا.

والجزائر بلاد زراعية، تنتج كميات وفيرة من الحبوب، إذ تبلغ مساحة المزروع منها سبعة ملايين من الهكتارات، علاوة على مليون هكتار من الكروم، هذا إلى مزارع الزيتون والبقول والنخيل وأنواع الفواكه والغابات وجملة القول أن مجموع الأراضي المنزوعة يبلغ حسب الإحصائيات الأخيرة نحو ٢٠ مليون هكتار، أي نحو ٥٠ مليونا من الأفدنة.

وتصدر الجزائر سنويا أكثر من مليوني قنطار من الحلفاء كما تصدر مليون رأس من الأغنام، وتنتج ربع ما ينتجه العالم بأجمعه من الفلين، أما الثروة المعدنية فتشمل

<<  <   >  >>