أجله في الدنيا والآخرة، وأن أي جحود لذلك، إنما هو كفر، يخلد صاحبه في نار جهنم، ويعلم الله إننا نغار أشد الغيرة على هذا النبي العظيم، ويحزننا أن ينتسب إليه زورا وبهتانا قوم من الملاحدة، كالاستعماريين الفرنسيين، أقفرت قلوبهم من الإيمان والرحمة، وجفت وجههم من ماء الحياء والمروءة، وشقيت بهم العائلة الإنسانية أسوء شقاء، ولا هم لهم في هذه الدنيا، إلا الاتجار بالدماء والحروب، في سبيل الاستعمار والشهوات الحيوانية، أولئك قوم يبرأ منهم المسيح عليه السلام وتبرؤ منهم المسيحية الكريمة، ومع ذلك، فلا يستنكفون في سوق تجارتهم الحقيرة، أين عرضوا هذه الرسالة الخالدة إلى الإهانة، فينسبون همجيتهم، إلى الحضارة المسيحية الطاهرة، فكأن المسيح عليه السلام، يبارك القنبلة الذرية التي دمروا بها هيروشيما، ويبارك هذه الملايين التي تذهب أرواحها البريئة في الحروب المهلكة، وفي سبيل شهوات استعمارية سافلة، وكأن المسيح أخيرا، يبارك هذه الأدوار الوحشية، التي يمثلها الاستعمار الفرنسي، على مسرح الجزائر العربية، ويباهي أمام العالم، بتسخير كل ما يملك من قوى الشر، لإفناء أمة عزلاء، لا ذنب لها سوى المطالبة بالحرية. معاذ الله أن يرضى المسيح الرحيم نسبة هؤلاء إليه ورسالته، أولئك السفهاء، الذين انقطعت كل العلاقات بين الله وبين قلوبهم المتحجرة، ولم يبق لهم معه إلا أن يصطنعوا حوضا من الماء باسم المسيح العظيم، ثم يخوضوا الماء بأرجلهم النجسة ليعكروه، ثم يضعوا شباكهم الاستعمارية، ليصطادوا فيه الشعوب، والرزق غير الحلال، وقد ظن الفرنسيون المستعمرون، ثم الإنكليز المضللون، بأن لبنان الكريم، هو المجال الصالح لزرع هذه الأوبئة وللتنكر لعيسى عليه السلام، ولمبادئه الإنسانية المقدسة، ولكن ظنهم قد خاب، وسهمهم قد طاش، لأن هذا الشرق الكريم قد استفاق فعلا من غفلته، وعلم المسيحيون والمسلمون، وعلم حتى الوثنيون فيه، بأن الاستعمار لا دين له ولا ذمة، إنما هو مرض ووباء، يجب على كل من يؤمن بالله، أو بالمثل العليا الإنسانية، أن يشارك في محاربته، إلى أن يباد ويقضى عليه، ويأمن الناس شر عدواه وبلائه، كما تفعل الدول اليوم، في محاربة الجراد والوباء بجميع أنواعه، ومن حسن حظ المسيحية،