منها يومئذ إلا أندية القمار، أو اللهو واللعب والخمور، جريا مع خطة الاستعمار العامة من هدم الفضيلة من أساسها، هذا النوع وحده هو الذي كانت تشجعه الحكومة، وتعرقل كل ما عداه.
ولما ظهرت جمعية العلماء إلى الوجود، ورأت أن أكثر طبقات الأمة وأهمها من الشباب، لا تستطيع أن تلقاهم في المساجد، حتى لو كانت حرة مباحة، فشرعت في فتح الأندية، بكل مدينة وبكل قرية مستجيبة للدعوة، يجتمع فيها الشباب وغير الشباب، يسمعون العلم، ويذكرون بالحياة وبالحرية. فلم يمض إلا قليل من الزمن، حتى أصبحت هذه الأندية تعد بالعشرات ثم بالمئات، فشعرت الحكومة بخطر جديد اسمه (الأندية) فأخذت تحاربها بكل الوسائل، حتى الحقير منها، فسنت لها قوانين خاصة تستهدف، إما منعها بتاتا، أو تعجيزها عن أداء رسالتها كاملة على الأقل، مثال ذلك: تحريمها لبيع جميع المشروبات فيها، حتى القهوة والشاي، لأنها هي موردها الأساسي الذي تحيى عليه. واشترطت هذه القوانين أن يكون النادي مستكملا لشروط صحية وغير صحية، قد لا تتوفر إلا في قصر الحاكم العام الفرنسي. والغرض من ذلك مفهوم، هو التعجيز، ومع ذلك كله استمرت الأندية في أداء رسالتها، ضمن معركة شديدة دائمة، حتى غزت حركتها فرنسا وباريس نفسها، وأما المدارس الحرة لنشر اللغة العربية، فيكفي أن تقول أن نصيبها من المحاربة كان أكثر وأعنف من نصيب المساجد والأندية، ومع ذلك فإن في الجزائر اليوم، ما يزيد عن ٣٠٠ مدرسة حرة أكثرها تديرها جمعية العلماء مباشرة.
أما الصحف وجميع المطبوعات، فيكفي أن يعلم القراء، بأن لغتها العربية، تعد في قانون الاستعمار لغة أجنبية، ويلاحق كل من يحمل على نشرها، كما يلاحق عند الأمم الراقية بائع المخدرات، ومزيف النقود. ومع ذلك لم تعش جمعية العلماء من غير صحف، فكانت تصدرها تباعا، وكانت الحكومة تعطلها بدورها تباعا، فكلما