ثم حاربتم معها وفي صفها، وفي سبيل بقائها نصف هذه المدة، ففتحت بأبنائكم الأوطان وقهرت بهم أعداءها، ورحمت بهم وطنها الأصلي، فما رعت لكم جميلا، ولا كافأتكم بجميل، بل كانت تنتصر بكم، ثم تخذلكم، وتحيا بأبنائكم، ثم تقتلكم، كما وقع لكم معها في شهر مايو سنة ١٩٤٥، وما كانت قيمة أبنائكم، الذين ماتوا في سبيلها، وجلبوا لها النصر، إلا أنها نقشت أسماء بعضهم في الأنصاب التذكارية، فهل هذا هو الجزاء؟
طالبتموها بلسان الحق، والعدل والقانون، والإنسانية، من أربعين سنة، بأن ترفق بكم، وتنفس عنكم الخناق قليلا، فما استجابت، ثم طالبتموها، بأن ترد عليكم حقوقكم الآدمية، فما رضيت، ثم طالبتموها بحقكم الطبيعي، يقركم عليه كل إنسان، وهو إرجاع أوقافكم ومعابدكم وجميع متعلقات دينكم، فأغلقت آذانها في إصرار وعتو، ثم ساومتموها على حقوقكم السياسية بدماء أبنائكم الغالية التي سالت في سبيل نصرها، فعميت عيونها عن هذا الحق، الذي يقرره حتى دستورها، ثم هي في هذه المراحل كلها، سائرة في معاملتكم من فظيع إلى أفظع.
أيها الإخوة الجزائريين الأبطال:
لم تبق لكم فرنسا شيئا تخافون عليه، أو تدارونها لأجله، ولم تبق لكم خيطا من الأمل تتعللون به، أتخافون على أعراضكم وقد انتهكتها. أم تخافون على الحرمة وقد استباحتها، لقد تركتكم فقراء تلتمسون قوت اليوم فلا تجدونه؟ أم تخافون على الأرض وخيراتها، وقد أصبحتم فيها غرباء حفاة عراة جياعا، أسعدكم من يعمل فيها رقيقا، زراعيا يباع معها ويشتري، وحظكم من خيرات بلادكم، النظر بالعين والحسرة في النفس؟ أم تخافون على القصور، وتسعة أعشاركم يأوون إلى الغيران كالحشرات والزواحف؟ أم تخافون على الدين؟ ويا ويلكم من الدين الذي لم تجاهدوا في سبيله، ويا ويل فرنسا من الإسلام، ابتلعت