عددا كبيرا من المعلمين يضطهدون وينالون نصيبا من أعمال الزجر. ورأينا في قسنطينه معهد عبد الحميد بن باديس وأعجبنا به ولكننا علمنا بعد ذلك، أن الإدارة لا تعتبر لشهاداته أدنى قيمة، ولا تعترف بها، في الوقت الذي لم تستطع فيه هي نفسها أن تحدث مثل ذلك أو ما يشابه ذلك.
ثم رأينا مشكل فصل الدين عن الدولة، واطلعنا على حال المسلمين وأوقافهم تجاه الحكومة، إنها حقيقة لمأساة من أفظع ما يمكن أن يتصوره الناس، فقانون ١٩٠٥ لم ينفذ، وبينما تحررت بقية الأديان من ربقة الحكومة، نرى الدين الإسلامي يوما فيوما سقوطا بين أيدي الإدارة المباشرة الحكومية، فالحكومة هي التي تدير ما جل وما قل من أمور المسجد والدين. ورأينا أن المدير إذا أراد مكافأة أحد فراشيه عينه إماما أو مفتيا، لقد خرجنا بحقيقة لا غبار عليها، ألا وهي أن الدولة تعمل على قتل اللغة العربية، وعلى تحطيم الدين الإسلامي، وعلى تجهيل الأمة. والعلماء المسلمون يعملون على خط مصادم للخط الحكومي, فهم يقومون بالجهود المحمودة، لإحياء الإسلام وتطهيره من الخرافات، ونشر اللغة العربية، ورفع الأمية عن الأمة، غير مبالين بالعقبات ووسائل الزجر والتنكيل.
وختاما أيها السادة أؤكد لكم، أننا لم نتعب كثيرا في البحث عن الثعبان الاستعماري في هذه البلاد، بل أن هذا الثعبان نفسه، قد أخرج لنا رأسه منذ اللحظة الأولى، فعرفناه لكل ما انطوى عليه من سوء ولؤم، ولقد تأكد لنا أن الدستور الجزائري الذي خلناه حقيقة واقعة، ما هو إلا تدليس وتلبيس، وأنه أصبح صورة مشوهة لنظام ديمقراطي، مبني على السرقة الانتخابية والغش.
سنقول لفرنسا كل هذا، وسنشرح لها كل ذلك، وما قلناه لكم إنما هو قطرة من بحر، سنقول لفرنسا بصراحة وشدة، حذار فإذا لم يقع الاستماع لصوت الحق، وإذا لم تسد في هذه الأقطار سياسة العدل، فإن الجزائر سوف تغدو قريبا