للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإني أسأل الله أولا، أن يوفقكم في مهمتكم العظيمة، وأن يسدد خطاكم في خدمة الأمة العربية، وأن يمدكم بالقدرة التي تمكنكم من الإشراك في التخفيف من الآلام الإنسانية كلها، ثم إنني على يقين من إطلاعكم على أحوال المغرب العربي بأقطاره الثلاثة، تونس والجزائر ومراكش، فلديكم من المذكرات والمستندات والمعلومات الشيء الكافي، وعليه فلا أدعي أنني سأزيدكم الآن علما بها، وإنما الذي أقصد إليه في هذه الكلمة، أن أذكر - والذكرى تنفع المؤمنين - بأن الحلة في تلك الديار قد تغيرت تغيرا يستوجب من الجمع عناية خاصة وجديدة فالثورة التي قامت أخيرا في الجزائر بعد حوادث تونس ومراكش، أخذت طابعا من الجد، قدره العدو لما تعلمون حق قدره، ولربما قدره أكثر قدره، ليضمن العواقب لصالحه، ونحن نأمل أن تكون هذه الحركة الجدية بداية لنهاية الاستعمار الفرنسي في بلادنا، ولكن ذلك متوقف لا محالة على ما نقوم به من أعمال جدية، وما نأخذ به من أسباب معقولة، والنتائج على كل حال ستكون خطيرة جدا، فإن كانت الغلبة لنا في هذه المرة استرحنا من الاستعمار إن شاء الله إلى الأبد، وإن كانت الأخرى لا قدر الله، فمن المحتمل جدا، أن نعود إلى الوراء خمسين عاما أو تزيد، وهذه البلاد في نظر الماضي، والحاضر والمستقبل، هي بلادكم، وأنتم اليوم المسؤولون القادرون، ونحن جنود من ورائكم، نشهد الله والتاريخ، أننا قد وضعنا أعز شيء لدينا هو - الحياة - تحت تصرف القضية، وتحت تصرفكم في كل ما يؤدي إلى خدمتها، وأكتفي بهذا الآن منتظرا ما ستكلفوننا به، وإذا لزم منا أي توضيح في طرق العمل، ووسائل النجاح فإننا طبعا على استعداد، وأخيرا فليسمح لي حضرات السادة الأعضاء، أن أوصيهم باسم الأخوة، بأمرين مهمين الأول: هو تكتيل القوى والثاني: السرعة اللازمة التي تفوت على العدو أغراضه الخطيرة.

وأسأل الله مرة أخرى أن يوفقكم وينصركم والسلام عليكم ورحمة الله.

تحريرا في ٢٩ - ١١ - ١٩٥٤

<<  <   >  >>