ثقته واحترامه بين الناس، ثم أننا أكرم على أنفسنا من أن نسلك سبيل السفهاء من الناس فنجعل هدفنا الأول هو الطعن والسباب، بل الغرض الوحيد أن نحمل الناس على إنصافنا، ولو إنصافا غير كامل، اللهم إلا إذا كان النداء بالحق نوعا من الطعن عندكم والغضب لإهانته نوعا من السباب لديكم، فإذا كان الأمر كذلك فإننا نخشى أن تجدوا منا أعظم الطاغين وأكبر السبابين.
على أننا نرجو أن نجد عندكم من الاستعداد لدراسة الأمور على طبيعتها وسماع الحقائق الحلوة والمرة كما هي، والقيام برسالة السفير الحكيم الحازم على أكملها ما يشجعنا على أن نقدم سلسلة من الخطابات المفتوحة نعرض فيها لكم من البيانات والنصائح التي تنفع سمعة تاريخ بلادكم ومصلحة مستقبل شعبكم ودولتكم ما لا تجدونه عند أحد المنافقين الذين يصطنعهم الاستغلاليون الأنانيون للرد على كل سؤال بنعم، ولحمد كل فعل ولو كان يذهب بالناس إلى جهنم .. كما لا تجدونه عند المستعمرين والمتفرنسين والاستغلاليين أنفسهم.
يا حضرة السفير: أنت تعلم أنه قد مضى على استعمار فرنسا لبلاد إفريقيا الشمالية ما يزيد على قرن من الزمان وكان هذا الاستعمار مباشرة بواسطة مجموعة متفرنسة من أخلاط من الناس حضرت أو أحضرت من كورسيكا ومالطة وإسبانيا وإيطاليا واليونان وغيرهم لا يجمعهم إلا رابطة المصلحة الشخصية البحتة ولا يقيمون وزنا للظروف الدولية ولا يعملون حسابا لسمعة فرنسا ولا لعظمتها الحقيقية، ولا لمستقبلها الطويل إنما كل همهم أن يجمعوا المال أكواما، ولحسابهم الخاص وأن يذلوا باسم فرنسا هذه الملايين من البشرية الكريمة بالسلطان والبأس وأن يسدوا عليهم كل أبواب الحياة فيحرموهم من التعليم حتى في أول مراحله، ويرتكبوا في سبيل ذلك كل ما يزري بسمعة فرنسا الثقافية بل بسمعة الإنسانية عامة في القرن العشرين.