(تقول البرقيات الواردة من باريس أن مسيو كالدر العضو عن شمال إفريقيا في حركة الرخاء العام الفرنسية قد تحدث عن حالة التوتر في الجزائر وقال أن اضطرابات خطيرة قد تحدث في أي لحظة ما لم تطلق الحكومة سراح ثلاثين ألف عربي معتقل حوكموا أو في انتظار محاكمتهم لميولهم الوطنية ولمحاولة تأليف إتحادات وطنية، وقال مسيو كالدر أنه عندما غادر الجزائر أخيرا أصدر البوليس الفرنسي منشورا إلى الأوربيين في مناطق عديدة أبلغهم فيه وجوب إعطاء إشارة للطائرات حال الشعور بالخطر معنى ذلك أن كل محرض بإمكانه أن يحدث اضطرابات) هذا الكلام صريح بأن مسيو كالدر ينصح للحكومة بوجوب إطلاق سراح ثلاثين ألف معتقل ومعنى ذلك أن هنالك أكثر من ثلاثين ألف بعضهم قد لا تدعو الضرورة إلى تسريحه - أما ما وصلنا من تفاصيل هذه المذبحة (وأنا مصر على تسميتها مذبحة بل مجزرة) فإن ذكرها ترتعد له الفرائص وتشمئز له النفوس ويرق لحال أهلها من في قلبه مثقال ذرة من العطف الانساني وأختم خطابي اليوم بالملاحظة الآتية:
افرض يا حضرة السفير أن الذين قتلوا من العرب أقل من ثلاثين ألف فليكونوا ثلاثة آلاف، وليكونوا ثلاثمائة، وليكن المسجونون آلافا بدلا من عشرات الآلاف، وافرض مرة ثانية أن ذلك قد حصل لكم أنتم ومن قوم لم يزل بعد إثر إحسانكم إليهم مائلا للعيان فكيف يكون وقعه في نفوسكم وكيف يكون رد الفعل منكم؟ كنتم ولا شك تستحيلون إلى قنابل ذرية تحاولون أن تنفجروا عليهم لتهلكوا حرثهم ونسلهم لأنكم، حريصون على حياتكم وكرماء على أنفسكم .. أرجو يا حضرة السفير أن تعلم من جديد أننا مثلكم حريصون على حياتنا كرام على نفوسنا.