سنة كاملة، ومبالغة في النكاية مرة أخرى حددت يوم عيد المسلمين ميعادا لتنفيذ حكم الإعدام وبفضل تدخل مولانا جلالة السلطان في الموضوع آخر الميعاد عن العيد بأيام وبلغنا أن السلطات في تونس قبضت في السنة الماضية على أربعة عشر ألف ١٤٠٠٠ دفعة واحدة وأودعتهم السجون والمعتقلات بتهمة الميل إلى الألمان. وبلغنا أنها تعاملهم معاملة لا يقرها من فيه رائحة الإنسانية، منها تسخين الماء إلى درجة من الحرارة لا يطيقها بشر، ثم رميهم في أحواض منها، ومنها تسليط ضغط الكهرباء على أطراف أجسامهم بصفة مريعة ومميتة لحملهم على إعترافات ضد أنفسهم وضد أوطانهم، ما أنزل الله بها من سلطان، ومنها - وهي متناهية في البشاعة - أن يجمع الأب مع ابنه ويجبران على خلع ثيابهما حتى تظهر عوراتهما، وقيل لنا أمور أخرى أشنع من هذا نكف عن ذكرها تنزيها لألسنتنا واحتراما للقارئ الكريم، فهذا بعض ما وصلنا يا حضرة السفير المحترم من أنباء محنة الأمة العربية في إفريقيا الشمالية بأيدي إخوانكم الفرنسيين الأحرار الذين آوتهم أرضا وسعدوا بأرزاق بلادنا، والذين قاتلنا أشد قتال في سبيل حريتهم وحرية بلادنا. فهل لحضرة السفير الكريم أن يعير لي أذنه لحظة في اهتمام الرجل الحصيف، وعناية الرجل المسؤول، وفي شيء من الإضاف لنحاول سواء على أن نخرج بنتيجة لخير الجميع أو لمجرد إثبات الحق على الأقل .. يا حضرة السفير أنت أمام هذا الكلام بين أن تصدق أو أن تكذب وأنت حر على كل حال، على أن لي في تلك الحالتين كلاما في غاية الإنصاف والعدل فإن كنت من المصدقين ولو في الجملة فأكبر ظني أن لا تسمح إنسانيتك وما تحمله في عروقك من دم الثورة الفرنسية التحريرية، والحرص على سمعتها أن يقع في القرن العشرين وباسم فرنسا هذه المجزرة البشرية الشنيعة وبعد ما انتصرت الديمقراطية مباشرة على البربرية كما يقولون، ففي مثل هذه الحال فإن الواجب يحتم عليك أن تنصح لحكومتك بالمبادرة إلى التكفير عن غلطاتها وفي مقدمة ذلك إطلاق سراح جميع المعتقلين