على اللغة العربية التي هي أجلى مظهر لعربيتهم، إلى غير هذا من وضع الضرائب الفاضحة وتضييق الخناق على الصحف العربية، والانتقام من الزعماء بالزج بهم في السجون والمعتقلات وإقصائهم بالنفي إلى أماكن بعيدة لا يدري أقوامهم كيف يعذبون فيها أو كيف يموتون، ولولا خوف الإطالة لضربنا الأمثال وسقنا الشواهد على ما نقول.
والواقع أن جامعة الدول العربية في غنى عن الإسهاب في الحديث عن مساوئ الاحتلال الفرنسي فحضرات أعضائها على الإطلاع واف وخبرة واسعة من فظاعة ذلك الاحتلال وتفاقم شره إلى حد لا يطاق والذي نريد تذكير أعضاء الجامعة به ووضعه تحت أنظارهم السديدة هو أن تلك الشعوب العربية قد امتلأت غيطا من استعباد فرنسا لها وأصبحت تشعر بقلب رجل واحد أن لا خير في الحياة إلا بأن تتخلص من ذلك الاحتلال الغاشم وتقف في صفوف الأمم المستقلة جنبا لجنب.
وهذا الشعور النبيل الشامل قد جعلهم مصممين على مواصلة الجهاد في سبيل هذه الغاية، فإما أن يعيشوا سعداء، وإما أن يموتوا شهداء.
سيرت هذه الشعوب بقوة حقها، فدفعتها الشهامة وإباية الضيم إلى الكفاح في سبيله معتمدة على توفيق الله جل شأنه وطامحة ببصرها إلى أن ترى من جامعة الدول العربية عملا يقوى أملها، ويؤكد صلتها بالجامعة، ولا سيما حين استشيرت بما جاء في ملحق ميثاق الجامعة من أنها ستتجه بمعونتها إلى جميع الشعوب العربية وبما يصدر عن أصحاب المعالي أمين الجامعة العام ورؤساء الدول العربية ومندوبيها في مؤتمر الجامعة من تصريحات تنبئ بأن قضية شمال إفريقيا قد حازت جانبا كبيرا من عنايتهم وأنهم يعدون تلك الشعوب بمنزلة أحد الجناحين حيث تمثل الأمة العربية بطائر يتحفز لأن ينهض ويحلق في عنان السماء.
وإننا لنقدر ظروف الجامعة حق قدرها، ولا يفوتنا العلم بما يجب أن نتدرع به من حكمة وتؤدة، وإذا رجونا منها أن تتجه إلى قضية شمال إفريقيا بخطوات