رتبة مختار، أو عمدة، ولا موظفا قضائيا فوق رتبة باش كاتب، ولا موظفا عسكريا فوق رتبة رئيس، ولا يجوز أن يكون ضابطا بوليسيا، فضلا عن رئيس ومعاون رئيس، ولا تسمح له القوانين الديمقراطية الفرنسية، أن يكون رئيس بلدية ولا نائبا أولا.
والجزائري، هذا الذي يقولون عنه أنه فرنسي. فإنه محروم من كل ما يتمتع به الفرنسي الأوروبي الأصل، من مزايا اقتصادية مع الحكومة والبنوك وغيرها، وقد علمت موقف القانون الفرنسي، من الجزائريين في الانتخابات، فهو فيها دون قاعدة الإرث {للذكر مثل حظ الأنثيين} النساء: ١١.
هذا نموذج صغير، للفروق المكرسة بين الجزائريين والفرنسيين، في الحقوق والواجبات، والقاعدة مطردة في بقية الأمور جميعا، من الأعلى حتى الأسفل.
ذلك أن حق الجزائريين في التمثيل البرلماني في باريس، كان يجب أن يكون لهم (٢٠٠) نائبا في المجلس الوطني، ولكن الذي سمح لهم به هذا القانون الاندماجي المزعوم، الذي يستند إليه الفرنسيون، ويتبجحون به، هو ثلاثة عشر نائبا فقط.
الحقيقة الثالثة: أنه كان بالجزائر جماعة من المعتدلين فعلا، ومن الذين يميلون إلى التعاون مع فرنسا، على تسامح كبير في حقوق أمتهم خضوعا للواقع المر من جهة وأملا في أن يعقل الفرنسيون يوما من جهة أخرى فيخطون خطوة عملية إلى الأمام حتى يلتقي الفريقان في الوسط، ثم يعيش الجميع في تعاون وسلام.
لكن جحود الفرنسيين وتألههم على الجزائريين، ونكرانهم لكل جميل، وجمودهم الاستعماري، الذي لا يقبل أدنى تطور مع الزمن، مع ما عرفوا به من مكر وخداع واحتقار للجميع، كل ذلك حمل آخر المعتدلين إلى الكفر بإنسانية فرنسا، وإلى اليأس من إنصافها، لذلك تسمع من كبار أولئك المعتدلين اليوم صيحات اليأس مدوية، ويعلنونها في وجه فرنسا، وفي ملأ من الدنيا.