الاحتقار، الذي يستفز حتى البارد القاعد من الجزائريين، ونحن أعرف الناس بطباع أهلنا وأمتنا، ولكن الفرنسيين فقدوا صوابهم، وضاعت منهم الحكمة، وسيطرت عليهم الشهوة ورشوة المستعمرين {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} الشعراء: ٢٢٧.
الحقيقة الرابعة: أن القائمين على رسالة تأييد استرقاق الجزائريين، إنما هم عصابة من أرباب المصالح فيها، وكل ميزاتهم أنهم يملكون الملايير من الفرنكات، ويملكون نفوذا دونه نفوذ الملوك والسلاطين في العصور الغابرة، وأفراد هذه العصابة المتمردة، لا تجمعهم إلا رابطة المصلحة المادية والشخصية. وأكثريتهم الساحقة لا يمتون بعرق إلى الجنس الفرنسي الباتة، وإنما صاروا فرنسيين قانونا بحكم التجنيس فقط.
والدليل القاطع على ذلك، أن الزعيمين المتطرفين منهم، هما هذان اللذان يذكرهما مراسل جريدة "النيوزويك" وأحدهما كورسيكي الأصل، وهو "جان باتيست بياجى" والثاني إسباني الأصل وهو "أندري إشياري" وكل زعماء العصابة الاستعمارية، هم أحد الشخصين. إما أن يكون صاحب مصلحة مباشرة، وإما أن يكون مستأجرا للعصابة بأثمان غالية.
أما الذي يدفع الحساب الغالي في النهاية، فهو الشعب الفرنسي المسكين، وطالما نصحنا لهذا الشعب، مخلصين، صادقين، بأن يستفيق من غفلته الطويلة، ويضع يده الحديدية، مباشرة، على ميكروب هذا السرطان الاستعماري المدمر، فيريح نفه ويريح الناس، ولكن القرائن تدل على أنه حتى الآن، قد عمل أعمالا دون المطلوب. ولكنه لم يضرب بعد، ضربته الحاسمة المطلوبة ولعله فاعل ذلك بعد حين قريب، نرجو أن يوفق إلى القيام بواجبه كاملا وسريعا، قبل أن تحل به وبغيره الكارثة الكبرى.