ثمرة عرقه في الضرائب الحربية، وهو الذي يقدم دماءه في الحروب الاستعمارية، وهو الذي يتيتم أطفاله، وترمل نساؤه، ويتشوه رجاله، ولكنه حتى الآن مع الأسف، قد عجز عن القيام بعمل جدي حاسم، يريح نفسه ويريح به الناس، ونحن نرى أنه في كل الأحوال، هو المسؤول عن كل ما يجري باسمه ولو كان كارها، ولن ترفع عنه المسؤولية، حتى يجبر جلاديه وجلادي الأحرار، بواسطته وباسمه على العدل، ولو كان ذلك بثورة شعبية مسلحة، لأن الثورة قد تكلفه شقاوة الأمة الأبدي.
لقد زعمنا في صدر هذا المقال، أن الوضع في ديار الجزائر والمغرب، قد يسبب قيام حرب عالمية ثالثة لا تبقى ولا تذر، والذي يرجح هذا الاحتمال، هو هذا الذي شرحناه عن موقف الاستعمار الفرنسي من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الشعب الجزائري خاصة، والمغرب العربي عامة، لم يعد يطيق هذا النوع من الاستعباد وهذا الضرب من الإهانات التي لا نهاية لها، ومن الاحتقار الذي لا حد له، وقد عزم عزم الأباة البائسين، على التخلص من كل ذلك، وهو اليوم مستميت، بجميع طبقاته، حتى لم يعد فيه، بحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه، طبقات، لأن الكل مستعبد ومهمل ومحتقر، وقد اتخذ قراره نهائيا، وهو يتلخص في كلمتين موجزتين، إما حرية واستقلال، وإما استشهاد وفناء، ولن يثنيه عن عزمه إلا تحقيق إحداها.
على أننا نتمنى من أعماق قلوبنا أن تكون الأولى، كما نتمنى في الوقت نفسه أن يسود السلام بيننا وبين الشعب الفرنسي العريق، ولكن لم يعد الاختيار لنا، وإنما الاختيار اليوم للشعب الفرنسي نفسه، نرجو أن يستعمل جرأته، وأن يحسن الاختيار، على أننا لو فرضنا البعيد، وقدرنا أن فرنسا الاستعمارية قد اتسطاعت اليوم، أن تسكت الثورة، فإننا على يقين بأن ثورة أخرى غدا ستقوم أشد منها، ولو أسكتت الثانية ستقوم ثالثة أعنف، إلى أن تفنى هذه الأمة عن بكرة أبيها، أو يعترف لها بإنسانيتها وحريتها، وهذه طبعا حالق يأس، والمعلوم أن اليائس كالمجنون، لا يهمه خراب العالم: من باب: "علي وعلى