للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكروه سواه، متركزة في لبنان، وزاد في رغبة الناس لزيارة لبنان، هذه التسهيلات الواسعة في المواصلات الجوية والبحرية والمحلية، وحرية النقد والتجارة وحرية الدخول والخروج من غير إجراءات أو إجراءات خفيفة عادية، ووجود مثل الورتلاني في لبنان يجعله بحكم هذه الظروف الدولية كأنه موجود في قلب العالم، يستطيع أن يتصل بجميع أطرافه من غير الانتقال إليها، ولا سيما في موسم الاصطياف، ولقد كنت أنا الشاهد كيف يتابع أخبار الداخلين والخارجين، والمارين من المسؤولين ليلا حقهم ويتصل بهم، ويبلغهم رسالة وطنه، وينبههم إلى واجباتهم الخطيرة نحوه. وكثيرا ما كنت أصحبه أنا بنفسي، وأنقله في سيارتي الخاصة، وأشاهد كيف يكون الدفاع على الأوطان، وكيف يكون التأثير والإقناع، وكيف يكون الصبر والجرأة والاحتمال، يجتمعون في وقت واحد. ونجد الورتلاني بجانب هذه الأعمال العامة المرهقة يستقبل العدد العديد من ذوي الحاجات الشخصية، من لبنانيين وأغراب، هذا طالب علم أو يزعم أنه طالب علم، وصل من المغرب ليس معه إلا لا إله إلا الله. فيجب على الورتلاني أن ينظر في أمره، وهذا مجاهد هارب من وجه العدالة الفرنسية، محكوم عليه أو مطارد، يجب أن يبحث على راحته، وهذا لبناني له حاجة في ناحية حكومية أو غير حكومية، يريد أن يقوم الورتلاني بحلها، وهذا مسافر إلى مصر أو العراق أو إلى الواق الواق، يريد من الورتلاني أن يزوده بتوصية لأهلها. وهذه رسائل وصلت من أنحاء المعمورة يجب الرد عليها، وهذه صحف ومجلات ذات مشارب مختلفة، يجب الإطلاع عليها، وهذه أضاليل في تلك الصحف عن بلاده، يجب التعليق عليها، وهلم جرا، والحق أنها دوامة خطيرة، يجب على الراحمين أن يرحموه، والراحمون يرحمهم الرحمن. وأنا أكرر نصيحتي، واقتراحي بأن يأخذ إجازة راحة، رغم عنف الظروف في وطنه ولو لمدة قليلة.

<<  <   >  >>