قضية شقيقتنا الجزائر بعد اجتماعنا الأخير، حتى وددت لو أني كنت هناك، في جبالها أو سهولها أحمل البندقية، إن كان نفعي في حملها، أو أؤدي أي عمل مفيد، يشرفني بالانتساب إلى المجاهدين، ويحشرني في زمرتهم يوم القيامة، وقد يبدو هذا الذي أتمناه أنا والمستضعفون من أمثالي، ليس بالأمر المهم الذي يعجل لقضية الجزائر النصر والنهاية، لأن عصب الحرب في كل زمان ومكان، هو المال الذي لا يملك منه أمثالي، ما تقام به الحروب وتدفع به الجيوش الجرارة، هذا صحيح، ولكن الأصح منه، أن القليل من المادة بيد مؤمنة ثابتة مستميتة، أقوى بألف مرة من كثيرها في يد حريصة على الحياة، مرتجفة متخاذلة، والشاهد على ذلك اليوم، قائم في الجزائر محسوس، أما في ماضينا المجيد، فأيام محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأيام أصحاب محمد، كلها شواهد كالنجوم في ظهورها وإشراقها، ويؤسفنا أن المال موجود عند معشر المسلمين بكثرة مفرطة، ولكنه في أيدي سفيهة تسوقها في الغالب الشهوات، ويوجهها الشيطان نحو الهاوية، ولكن قديما كان الناس ينتصرون بفقرائهم، إذا كانت النفوس سليمة، لأن النصر في الحقيقة، إنما هو بيد الله، صاحب هذه النفوس المطمئنة، التي تتمنى الموت في سبيله، بقدر ما يتمنى الحياة أولئك المستعمرون الجبناء وأولئك المترفون البخلاء، وإني لأحس من أعماق قلبي، بأن ستمائة مليون من المسلمين إلا قليلا من المترفين، ونسبة كبيرة من أحرار الغرب والشرق، يحملون مثل عواطفي أو أحسن منها، وأعتقد أن هذه الثروة من العواطف البريئة، قوة لا يجوز الاستهانة بها مطلقا، فمفاتيح السماء إنما هي في سر هذه القلوب المنكسرة لربها، وصاحب السماء إنما أمره إذا أراد شيئا - في الأرض أو في غير الأرض - أن يقول له كن فيكون، هذا وأكون شاكرا لإخوتك، وممنونا لو تفضلت فأبلغت على لساني الضعيف، تحيات أهل الهند والباكستان جميعا وتقديرهم البالغ، لأولئك الذين يؤدبون البربرية الفرنسية، في بقاع الجزائر الكريمة،