للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون الجزائريون على الدوام عبيدا .. والقاعدة معلومة .. وهي أن العبد وما ملك لسيده .. والواقع أن مجرد الكلام في رفع صفة الرق عن الجزائريين، كان دوما يهيج المستعمرين، ويجعلهم ينادون ويهددون بالويل، والثبور، وعظائم الأمور .. ثم يندبون مصالحهم المهددة بالخطر والزوال. وهذا هو بعينه ما اصطلحوا على تسميته بالوجود الفرنسي، يعنون به الاستعباد الفرنسي للجزائريين، ولجميع سكان المغرب العربي.

ولعله يسهل على العاقل أن يصدق هذا بالهين مع أنه خال من كل مبالغة بل يقصر عن الحقيقة، ونحن نتحدى الفرنسيين دائما إذا استطاعوا أن ينفوا شيئا منه.

والدليل الواضح أن الجزائريين الذين يطالبون بالاستقلال وهو حقهم الطبيعي في الحياة والكرامة. والذي لا يوحي لهم به أحد، ليعترفون للمستعمرين الفرنسيين بالجنسية الجزائرية وبالمساواة المطلقة مع الجزائريين الأصليين وفي جميع الحقوق والواجبات، وإنهم ليعترفون لهم فوق ذلك بالحقوق المكتسبة أو بالأحرى بالثروات المغتصبة من الجزائريين المساكين، والمكدسة طول قرن وربع القرن من حكمهم الجائر الجبار، هذا وحتى لو تم للجزائر استقلالها اليوم بالفعل، فسيظل الفرنسيون متفوقين مدة نصف قرن أو تزيد، وذلك لما تجمع لديهم من مال وثقافة، أو بما أصاب الجزائريين مقابل ذلك من فقر مدقع، وحرمان من الثقافة والتعليم في الكيفية والكمية. وأما مصالح فرنسا في الجزائر كدولة، فإن الجزائر المستقلة ستكون عاقلة منصفة، إذا أرادت فرنسا أن تسير في طريق العقل والعدل والإنصاف، ولقد جربت فرنسا أساليب التهور والغطرسة في سوريا ولبنان، وجربتها في الهند الصينية ويذكر القارئ أنها قد خرجت من هذه البلدان جميعا بأقبح وداع، وأسوأ الذكريات.

جريدة الجريدة عدد ٨٦٠

<<  <   >  >>