للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإسلامَ والمسلمين، وأن يرزقَه الإخلاصَ فى جميع ذلك، وأن يتقبَّل منه جميعَ أعمالِه، وأن يجعلَه من أهل جنة الفردوس، وأن يجزيَه عنى وعن المسلمين خير الجزاء.

وإني لأعلم أن هناك من هو أكثر أهلية مني لهذا العمل الجلل ولكني أذكر قول القائل:

وما كنت أهلًا للذي قد كتبته … وإني لفي خوف من الله نادم

ولكنني أرجو من الله عفوه … وإني لأهل العلم لا شك خادم

ولما آمل من ثواب ونجاة في اليوم المشهود لمن خدم هذا الدين، تجرأت على الشأن الكئود، فأسأل الله أن يتقبله مني في اليوم الموعود.

رب تقبل عملي … ولا تخيب أملي

أصلح أموري كلها … قبل حلول أجلي

ولم أدخر جهدًا في هذا البحث إلا بذلته في تحريره وتنقيحه وتقريره، ولا أدعي الكمال والتمام والعصمةَ من الزلل والخطأ والنسيان، فقد قيل: أبى الله أن يصح إلا كتابه.

وقال الشافعي: «لقد ألفت هذه الكتب ولم آل جهدًا فيها، ولابد أن يوجد فيها الخطأ؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ فما وجدتم في كتبي هذه ما يخالف الكتاب والسنة فقد رجعت عنه، ولله در من قال:

كم من كتاب قد تصفحته … وقلت في نفس أصلحته

حتى إذا طالعته ثانيًا … وجدت تصحيفًا فصححته

وما أحسن ما قاله العماد الأصفهاني: «إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابًا في يومه إلا قال في غده: لو غُيِّرَ هذا لكان أحسن، ولو زيد هذا لكان يستحسن، ولو قُدِّم هذا لكان أفضل، ولو تُرِك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العِبَر، وهذا دليل استيلاء النقص على جملة البشر، فسبحان مَنْ تنزَّه عن النقص».

فمن وقف فيه على تقصير أو خلل، أو عثر فيه على تغيير أو زلل، فليعذر أخاه في ذلك متطولًا، أو ليصلح منه ما يحتاج إلى إصلاح متفضلًا، فالتقصير من الأوصاف البشرية، فليست الإحاطة بالعلم إلا لبارئ البرية، فهو الذي وسع كل شيء علما، وأحصى مخلوقاته عينًا واسمًا.

<<  <   >  >>