للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال (١):

• القول الأول: ذهب أبو حنيفة إلى أن الحامل والمرضع إذا أفطرتا فليس عليهما إلا القضاء (٢).

واستدل لذلك بعموم قول النبي : «إِنَّ اللَّهَ ﷿ وَضَعَ عَنِ المسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ المسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالمرْضِعِ الصَّوْمَ أَوْ الصِّيَامَ» (٣).


(١) سبب الاختلاف ما قاله ابن رشد في «بداية المجتهد»: تَرَدُّدُ شَبَهِهِمَا بَيْنَ الَّذِي يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ وَبَيْنَ المرِيضِ: فَمَنْ شَبَّهَهُمَا بِالمرِيضِ قَالَ: عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ فَقَطْ. وَمَنْ شَبَّهَهُمَا بِالَّذِي يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ قَالَ عَلَيْهِمَا الْإِطْعَامُ فَقَطْ، وَأَمَّا مَنْ جَمَعَ عَلَيْهِمَا الْأَمْرَيْنِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ رَأَى فِيهِمَا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَبَهًا فَقَالَ: عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ مِنْ جِهَةِ مَا فِيهِمَا مِنْ شَبَهِ المرِيضِ، وَعَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ مِنْ جِهَةِ مَا فِيهِمَا مِنْ شَبَهِ الَّذِينَ يُجْهِدُهُمُ الصِّيَامُ، مَنْ أَفْرَدَهُمَا بِالْقَضَاءِ أَوْلَى مِمَّنْ أَفْرَدَهُمَا بِالْإِطْعَامِ فَقَطْ لِكَوْنِ الْقِرَاءَةِ غَيْرَ مُتَوَاتِرَةٍ. فَتَأَمَّلْ هَذَا فَإِنَّهُ بَيِّنٌ.
(٢) «المغني» (٤/ ٣٩٤)، قال الخطابي في «معالم السنن» (٢/ ١٠٧): وقال الحسن وعطاء: تقضيان ولا تطعمان كالمريض. وهو قول الأوزاعي والثوري، وإليه ذهب أصحاب الرأي.
(٣) وهذا الحديث اختلف في سنده ومتنه ألوانًا: فرواه أبو هلال، عن عبد الله بن سوادة، عن أنس ابن مالك الكعبي، عن رجل من بني عبد الله بن كعب، أخرجه أحمد (٤/ ٣٤٧) (٥/ ٢٩)، وأبو داود (٢٤٠٧)، والترمذي (٧١٥)، وابن ماجه (١٦٦٧)، وغيرهم، وخالف أبا هلال وهيب ابن خالد فجعل بين عبد الله بن سوادة وأنس، سوادة كما عند النسائي في «الكبرى» (٢٦٢٤)، وغيره. ولكن الخلاف لا يضر لأن عبد الله بن سوادة صرح بسماعه من أنس كما في الطبقات لابن سعد (٧/ ٣٢). وأخرجه النسائي في «السنن» (٤/ ١٨٠)، وغيره من طريق الثوري، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس … فذكره.
وروى أحمد في «المسند» (٥/ ٢٩)، والنسائي (٤/ ١٨٠، ١٨١)، وابن خزيمة في «الصحيح» (٢٠٤٢) من طريق إسماعيل بْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ قَالَ: كَانَ أَبُو قِلَابَةَ حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ لِي: هَلْ لَكَ فِي الَّذِي حَدَّثَنِيهِ؟ فَدَلَّنِي عَلَيْهِ، فَلَقِيتُهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَرِيبٌ لِي يُقَالُ لَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ . وهذه الرواية تُثبت أن أبا قلابة لم يسمع هذا الحديث من أنس. وأخرجه يعقوب بن سفيان «المعرفة والتاريخ» (٢/ ٤٦٨، ٤٦٩) حدثنا شعبة حدثنا أيوب السختياني، عن رجل من بنى عامر، عن رجل من قومه، وأخرجه الطحاوي في «شرح معانى الآثار» (١/ ٤٢٣)، وفى «شرح المشكل» (٤٢٦٨) من طريق ابن عيينة عن أيوب حدثنى أبو قلابة عن شيخ من بنى قشير. وأخرجه الطحاوي في «شرح المشكل» (٤٢٦٥)، =

<<  <   >  >>