للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الخطابي (١): وقال مالك: الحبلى تقضي ولا تكفِّر؛ لأنها بمنزلة المريض، والمرضع تقضي وتكفِّر.

واعْتُرِضَ على هذا القول بأن التفريق بين الحامل والمرضع ليس عليه دليل، لا من كتابٍ ولا من سنة.

• القول الخامس: ما قاله ابن حزم (٢): فَإِنْ خَافَتِ المرْضِعُ عَلَى المرْضَعِ قِلَّةَ اللَّبَنِ وَضَيْعَتَهُ لِذَلِكَ وَلم يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا، أَوْ لم يَقْبَلْ ثَدْيَ غَيْرِهَا، أَوْ خَافَتِ الْحَامِلُ عَلَى الْجَنِينِ، أَوْ عَجَزَ الشَّيْخُ عَنِ الصَّوْمِ لِكِبَرِهِ - أَفْطَرُوا، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ وَلَا إطْعَامَ.

واستدل لذلك بعموم قول النبي : «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْحَامِلِ وَالمرْضِعِ الصَّوْمَ» قالوا: وضع أي: سقط الصوم فلا قضاء عليهما ولا إطعام.

واعترض عليه بأن هذا الحديث حجةٌ عليهم، وذلك بأنه جمع بين حكم المسافر والحامل والمرضع، وإذا كان وضع عن المسافر الصوم حتى يقيم فيقضيه، فكذا وضع عن الحامل والمرضع الصوم حتى تطيقا فتقضيا.

قال شيخ الإسلام: وأشبه القولين وجوب القضاء؛ لأن النبي ذكر «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ المسَافِرِ والحَامِل والمرِضَع» ولم يردْ إلا وضعُ الأداء دون القضاء؛ لأنه ذَكَرَ المسافر وإنما وضع عنه الأداء فقط، ولأنها ترجو القدرة على القضاء، فهى كالمريض.

قال الطبري: إنه وضع عن الحامل والمرضع الصوم ما دامتا عاجزتين عنه حتى تطيقا فتقضيا، كما وضع عن المسافر حتى يقيم فيقضيه.

والراجح: أن الحامل والمرضع إذا أفطرتا فحكمهما حكم المريض؛ لأنها ترجو القدرة عليه، وحديث أنس بن مالك وإن كان له إسناد حسن إلا أن بعض أهل العلم أعله بالاضطراب، وإن صح فمعناه: أن الله وضع عن الحامل والمرضع الصوم ما دامتا عاجزتين عنه حتى تطيقا فتقضيا؛ ولأن النبي ذكر «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ


(١) «معالم السنن» (٢/ ١٠٧).
(٢) «المحلى» (٦/ ٢٦٢).

<<  <   >  >>