للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعْتُرِضَ على هذا الاستدلال: بأن الآية منسوخة عند الجمهور بلا استثناء ولا تفصيل، فعن سلمة بن الأكوع أنه قال: لما نَزَلَتْ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ، حَتَّى نَزَلَتْ الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا (١).

• القول الثالث: ذهب جمهور العلماء إلى أن الحامل والمرضع تفطران وتقضيان وتطعمان، وبه قال مالك والشافعي وأحمد (٢).

قال ابن قدامة: الحامل والمرضع وَإِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَفْطَرَتَا، وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ وَإِطْعَامُ مِسْكِينٍ عَنْ كُلِّ يوم، وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ وَهُمَا دَاخِلَتَانِ فِي عُمُومِ الْآيَةِ.

قال ابْنُ عَبَّاسٍ: «كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالمرْأَةِ الْكَبِيرَةِ، وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا، وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يوم مِسْكِينًا، وَالْحُبْلَى وَالمرْضِعُ إذَا خَافَتَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا».

واعْتُرِضَ على هذا بأن الآية منسوخة عند الجمهور بقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾.

وأما دليلهم على وجوب القضاء فهو قول الرسول : «إِنَّ اللَّهَ ﷿ وَضَعَ عن الْحَامِلِ وَالمرْضِعِ والمسّافر الصَّوْمَ». أي وضع عنهما القضاء ما دامتا عاجزتين، حتى تستطيعا فتقضيا؛ ولأنه ذكر في الحديث المسافر، وإنما وضع عنه الأداء فقط.

• القول الرابع: الحبلى تقضي ولا تكفِّر، والمرضع تقضي وتكفِّر:

قال الليث: الْكَفَّارَةُ عَلَى المرْضِعِ دُونَ الْحَامِلِ. وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ المرْضِعَ يُمْكِنُهَا أَنْ تَسْتَرْضِعَ لِوَلَدِهَا، بِخِلَافِ الْحَامِلِ؛ وَلِأَنَّ الْحَمْلَ مُتَّصِلٌ بِالْحَامِلِ، فَالْخَوْفُ عَلَيْهِ كَالْخَوْفِ عَلَى بَعْضِ أَعْضَائِهَا (٣).


(١) أخرجه البخاري (٤٥٠٧).
(٢) «الأم» (٢/ ١٥٥)، «المغني» (٤/ ٣٩٣)، «الفتاوى» «٢٥/ ٢١٨).
(٣) «المغني» (٤/ ٣٩٤).

<<  <   >  >>