للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة ما قاله الطبري: وَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صحيحًا، فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ وَضَعَ عَنِ الْحَامِلِ وَالمرْضِعِ الصَّوْمَ مَا دَامَتَا عَاجِزَتَيْنِ عَنْهُ حَتَّى تُطِيقَا فَتَقْضِيَا، كَمَا وَضَعَ عَنِ المسَافِرِ فِي سَفَرِهِ حَتَّى يُقِيمَ فَيَقْضِيَهُ … لِأَنَّ النَّبِيَّ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ حُكْمِهِ وَبَيْنَ حُكْمِ الْحَامِلِ وَالمرْضِعِ.

• القول الثاني: ذهب ابن عباس (١)، وابن عمر (٢)، وسعيد بن جبير (٣)، وإبراهيم (٤) إلى أن الحامل والمرضع إذا أفطرتا فإنهما يطعمان ولا يقضيان.

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾.

وجه الدلالة: أن الآية نُسخت بقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ على المطيق وثبت على الذى لا يطيق، والحبلى والمرضع داخلتان في عموم الآية، ويفسر ذلك ما ورد عن ابن عباس ﴿قال: رُخِّصَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ في ذَلِكَ، وَهُمَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ أَنْ يُفْطِرَا إِنْ شَاآ وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يوم مِسْكِينًا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾، وَثَبَتَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ إِذَا كَانَا لَا يُطِيقَانِ الصَّوْمَ، وَالْحَامِلُ وَالمرْضِعُ إِذَا خَافَتَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا مَكَانَ كُلِّ يوم مِسْكِينًا (٥).


(١) إسناده حسن: أخرجه عبد الرزاق «المصنف» (٧٥٦٧).
(٢) صحيح: أخرجه الشافعي (المسند) ومن طريقه البيهقي «الكبرى» (٤/ ٢٣٠)، وعبد الرزاق (٧٥٦٠)، من طرق أيوب ومالك، عن نافع، عن ابن عمر.
(٣) أخرجه عبد الرزاق (٧٥٥٥)، من طريق معمر عن أيوب عن سعيد، وفي رواية معمر عن أيوب مقال.
(٤) أخرجه عبد الرزاق (٧٥٦٢)، عن الثوري عن حماد عن إبراهيم.
(٥) أخرجه الطبرى في «تفسيره» (٢٧٥٢)، وابن الجارود في «المنتقى» (٣٨١)، وغيرهما، من طرق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عزرة عن سعيد. أخرج الطبرى حدثنا هناد، حدثنا عبدة، عن سعيد، عن علي بن ثابت عن نافع عن ابن عمر، مثل قول ابن عباس في الحامل والمرضع، إسناده صحيح.

<<  <   >  >>