للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيره (١).

واعْتُرِضَ على هذا الاستدلال بأنه نَصَّ على الأكل والشرب ولم يذكر نسيان الجماع؛ فلا يصح قياسه عليهما؛ لأن حكمه أغلظ ويمكن التحرز منه.

وأُجِيبَ بأن الجماع في معنى الأكل والشرب، وحُرمة الجماع عامدًا ليست أغلظ من الأكل والشرب، والنسيان ولو حدث فالقياس صحيح.

الدليل الثاني: حديث أبى هريرة في قصة الرجل الذى أتى إلى النبي قال: يَا رَسُولَ الله هَلَكْتُ؛ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ.

لفظة (هَلَكْتُ) تدل على العمد.

قال ابن قدامة (٢): الأحاديث الواردة في الكفارة في الجماع، فإنما هى في جماع العمد؛ ولهذا قال في بعضها: (هلكت)، وفى بعضها (احترقت)، وهذا لا يكون إلا في عامد، فإن الناسي لا إثم عليه بالإجماع.

قال ابن حجر (٣): اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَامِدًا؛ لِأَنَّ الْهَلَاك وَالِاحْتِرَاقَ مَجَازٌ عَنْ الْعِصْيَانِ الْمُؤَدِّي إِلَى ذَلِكَ.

أما دليلهم من المأثور: فعن مجاهد قال: «لو وطئ رجل امرأته وهو صائمٌ ناسيًا في رمضان، لم يكن عليه فيه شيء (٤).

وعن الحسن فيمن وطئ امرأته ناسيًا: قال: هو بمنزلة الأكل والشرب» (٥).

القول الثاني: أن من جامع جاهلاً أو ناسيًا، فسد صومه ووجب عليه القضاء دون الكفارة، وهو قول المالكية في الصحيح من المذهب، والحنابلة في رواية (٦).


(١) «المهذب» (٢/ ٦٠٨).
(٢) «المغني» (٤/ ٣٧٧).
(٣) «فتح الباري» (٤/ ١٦٤).
(٤) أخرجه عبد الرزاق (٧٣٧٥).
(٥) إسناده ضعيف: أخرجه عبد الرزاق (٧٣٧٧).
(٦) انظر: «المدونة» (١/ ٢٠٩)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٣)، و «الإنصاف» (٣/ ٣١١).

<<  <   >  >>