للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصادق مستطيرًا (بالراء) أى منتشرًا عَرَضًا في الأفق. قال أصحابنا: والأحكام كلها متعلقة بالفجر الثانى، فبه يدخل وقت صلاة الصبح، ويخرج وقت العشاء، ويدخل في الصوم، ويحرم به الطعام والشراب على الصائم، وبه ينقضي الليل ويدخل النهار، ولا يتعلق بالفجر الأول شيء من الأحكام بإجماع المسلمين.

قال صاحب الشامل: «سُمي الفجر الأول كاذبًا؛ لأنه يضيء ثم يسْوَد ويذهب، وسُمي الثانى صادقًا؛ لأنه صدق عن الصبح وبَيَّنه».

• القول الثاني: قال ابن القيم (١): فروى إسحاق بن راهويه، عن وكيع أنه سمع الأعمش يقول: «لَوْلَا الشُّهْرَةُ لَصَلَّيْت الْغَدَاةَ ثُمَّ تَسَحَّرْت». ثم ذكر إسحاق، عن أبي بكر الصديق، وعلي، وحذيفة (٢). أي أن من سمع نداء الفجر والإناء في يده في رمضان فليشرب.

واستدلوا لهذا القول بالسنة والمأثور.

أما دليلهم من السنة: فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ


(١) «عون المعبود» (٦/ ٤٧٦).
(٢) روى ابن أبي شيبة في «المصنف» (٨٩٢٩): حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن سالم بن عيد الله الأشجعى، قال: كنت مع أبي بكر فقال: قُمْ فَاسْتُرْنِي مِنَ الْفَجْرِ. ثُمَّ أَكَلَ. وإسناده صحيح. وهذه الرواية ليست صريحة، وقد يكون معناه أنه يريد أن يتسحر قبيل الفجر.
وقد روى الدارقطني في «السنن» (٢/ ١٦٦) عن سالم بن عبيد قال: كُنْتُ فِي حِجْرِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَصَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قال: اخْرُجْ فَانْظُرْ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ. قال: فَخَرَجْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَقُلْتُ لَهُ: قَدِ ارْتَفَعَ فِي السَّمَاءِ أَبْيَضَ. فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قال: اخْرُجْ فَانْظُرْ هَلْ طَلَعَ الْفَجْرُ. فَخَرَجْتُ، ثُمَّ رَجَعَتُ فَقُلْتُ لَهُ: قَدِ اعْتَرَضَ فِي السَّمَاءِ أَحْمَرَ. فَقال: هِيتَ الآنَ فَأَبْلغْنِي سَحُورِي.
وروى ابن أبي شيبة في «المصنف» (٨٩٣١) بإسناد صحيح عن عامر بن مطر قال: أَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ فِي دَارِهِ فَأَخْرَجَ لَنَا فَضْلَ سَحُورِهِ فَتَسَحَّرْنَا مَعَهُ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَخَرَجْنَا فَصَلَّيْنَا مَعَهُ.
وورد أثر عن أبي عقيل قال: تسحرنا مع علي ثم أمر المؤذن أن يقيم. أخرجه ابن أبي شيبة (٨٩٣٠) وإسناده ضعيف.

<<  <   >  >>