للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

، كان يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ».

فالعبرة بزمن القيام وذلك في قوله: «ويقوم ثلثه» (١).

ثالثًا: ذكر بعض الآثار التي تدل على أن صلاة الليل نفل مطلق ليست محدودة بحد:

١ - عن أَسْلم: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللهُ. حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، أَيْقَظَ أَهْلَهُ لِلصَّلَاةِ. يَقُولُ لَهُمُ: الصَّلَاةَ، الصَّلَاةَ. ثُمَّ يَتْلُو هذِهِ الآيَةَ: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَوةِ وَاِصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسئَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ (٢).

قال أبو الوليد الباجي: قَوْلُهُ: (إنَّ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ) يَقْتَضِي أَنَّ التَّنَفُّلَ غَيْرُ مَحْدُودٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ بِحَسَبِ قُوَّةِ كُلِّ إنْسَانٍ وَنَشَاطِهِ.

٢ - فعَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُوتِرُ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّانِيَةَ فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: إِنْ شئت حَدَّثْتُكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُهَا هُنَا بِخَمْسٍ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَأَرْقُدُ، فَإِنِ اسْتَيْقَظْتُ صَلَّيْتُ شَفْعًا حَتَّى أُصْبِحَ (٣).

٣ - عن خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، كَيْفُ تَقُولُ في الْوِتْرِ؟ فَقَالَ عَمَّارٌ: «أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ، فَإِنْ رَزَقَنِي اللَّهُ شَيْئًا صَلَّيْتُ شَفْعًا شَفْعًا حَتَّى الصُّبْحِ» (٤).

٤ - عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ، أَنَّهُ رَأَى حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ يُسَبِّحُ في السَّفَرِ وَمَعَهُمْ في ذَلِكَ السَّفَرِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقِيلَ: إِنَّ خَالَكَ يَنْهَى عَنْ هَذَا. فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ، لَا يُصَلِّي قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا»


(١) انظر: «بحث عدد ركعات قيام الليل» لفضيلة الشيخ مصطفى بن العدوي (ص ٧ - ٩). وهو بحث ماتع، أسأل الله أن يجعله من مفاتيح الخير وأن يرفع ذكره، وأن يضع وزره، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين وأن يجمعني وإياه مع سيد الأنبياء والمرسلين.
(٢) إسناده صحيح: أخرجه مالك في «الموطأ» (٥/ ٩٦) عن زيد بن أسلم عن أبيه به.
(٣) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٤٤٦٨).
(٤) إسناده حسن: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٤٤٦٧).

<<  <   >  >>