للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرِّوَايَاتُ فِيمَا كَانَ يَفْعَلُهُ. اه.

الدليل الثاني: العبرة في صلاة الليل بزمن القيام:

فهذه عمومات من الكتاب والسنة تدل على أن التعويل في قيام الليل على زمن القيام لا على عدد الركعات.

أما الكتاب العزيز فالظاهر في قوله تعالى: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: ١٧]، أن التعويل في قيام الليل على زمن القيام، وكذلك الناظر في قوله تعالى: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ٢ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ٣ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤]، يرى التعويل على زمن القيام أيضًا، وكذلك المتأمل في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٦] يرى أن التعويل أيضًا على زمن القيام، وكذلك، قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾ [الزمر: ٩] يرى أيضًا المعنى المشار إليه، وهو أن المراد زمن القيام والسجود، ونحوه قوله تعالى: ﴿يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ [آل عمران: ١١٣] وكذلك ممعن النظر في قوله تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [السجدة: ١٦] والآيات في هذه الباب كثيرة.

أما السنة: ففي «الصحيحين» من حديث ابن عمرو: «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ


قال الصنعاني: وَاعْلم أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ قَوْلِهِ (بِدْعَةٌ) عَلَى جَمْعِهِ لَهُمْ عَلَى مُعَيَّنٍ، وَإِلْزَامِهِمْ بِذَلِكَ، لَا أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ بِدْعَةٌ فَإِنَّهُ قَدْ جَمَعَ بِهِمْ كَمَا عَرَفْت.
إذَا عَرَفْت هَذَا عَرَفْت أَنَّ عُمَرَ هُوَ الَّذِي جَعَلَهَا جَمَاعَةً عَلَى مُعَيَّنٍ وَسَمَّاهَا بِدْعَةً وَأَمَّا قَوْلُهُ: «نِعْمَ الْبِدْعَةُ» فَلَيْسَ فِي الْبِدْعَةِ مَا يُمْدَحُ بَلْ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ. اه. «سبل السلام» (٢/ ١٥ - ١٦).
قلت: فالحاصل من قوله أنه يبدع فعل عمر المتضمن (الكيف والكم).
فالكيف: هو جمعهم على إمام معين والاستمرار على ذلك. والكم: هو أن جعلها عشرين ركعة، وذلك كله لم يكن على عهد النبي ؛ لذلك قال: جعل هذه الكيفية والكمية سنة، والمحافظة عليها هو الذي نقول: إنه بدعة. فيثبت أن عمر أول من جمعهم على معين وألزمهم بذلك (كما زعم) بعدد عشرين ركعة، وهذا الفعل كله عنده بدعة!! انظر: «إضاءة المصابيح على عدد ركعات التراويح».

<<  <   >  >>