للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


=
فالحاصل: أن مالكًا يجيز الزيادة على إحدى عشرة ركعة، وهذا جلي ولا خفاء فيه، وقد جمع بين الروايتين عن مالك ابن القاسم فقال: كره مالك أن ينقص الناس من عدد الركوع الذي جرى به العمل في مسجد رسول الله ، وهي تسع وثلاثون ركعة بالوتر، والوتر ثلاث، واختار هو لنفسه إحدى عشرة ركعة. اه. «المدونة الكبرى» (١/ ٢٨٩). انظر «إضاءة المصابيح على عدد ركعات التراويح» لأبي شهاب الأسيوطي (ص ٦٣). وأما ابن خزيمة فلم ينكر الزيادة، وإنما ذكر الأخبار التي وردت في صفة صلاة النبي وجمَع بينها: فذكر حديث ابن عباس: «كان رسول الله يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة». وذكر حديث عائشة: «مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً». فَجَائِزٌ لِلمرْءِ أَنْ يُصَلِّيَ أَيَّ عَدَدٍ أَحَبَّ مِنَ الصَّلَاةِ مِمَّا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ صَلاَّهُنَّ، وَعَلَى الصِّفَةِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ صَلاَّهَا، لَا حَظْرَ عَلَى أَحَدٍ فِي شَيْءٍ مِنْهَا. اه. «صحيح ابن خزيمة» (١/ ٥٧٥، ٥٧٨).
فابن خزيمة جمع بين الأخبار التي وردت في صفة صلاة النبي لليل، وذكر أن هذا من جنس الاختلاف المباح. ولم يقل إن الزيادة على الإحدى عشرة بدعة.
قال الإمام ابن العربي في «شرح الترمذي» بعد أن أشار إلى الروايات المتعارضة عن عمر وإلى القول أنه ليس في قدر ركعات التراويح حد محدود: والصحيح أن يصلي إحدى عشرة ركعة؛ صلاة النبي وقيامه، فأما غير ذلك من الأعداد فلا أصل له ولا حد فيه.
فإذا لم يكن بد من الحد فما كان النبي يصلي، ما زاد النبي في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، وهذه الصلاة هي قيام الليل، فوجب أن يقتدى فيها بالنبي .
ومعنى كلام ابن العربي: أن الأفضل والسنة لمن أراد الصلاة بحد محدود أن يصلي بإحدى عشرة؛ صلاة رسول الله ، أما غير ذلك من الأعداد فلا أ صل له، أي: فلم يرد عن النبي أنه فعلها. ودل على ذلك أمور:
الأول: أنه استهل كلامه بقوله: وليس في قدر ركعاتها (أي صلاة التراويح) حد محدود.
وقال ابن العربي في «القبس في شرح موطأ مالك بن أنس» (١/ ٢٨٤): ليس لصلاة رمضان ولا لغيرها تعديد، إنما التعديد والتقدير للفرائض، وإنما هو قيام كله إلى طلوع الفجر لمن استطاع على قدر ما تنتهي إليه قدرته.
فالحاصل: أن العربي لم ينكر الزيادة على إحدى عشرة ركعة بل صلاة الليل لا حد لها. «عارضة الأحوذي في شرح سنن الترمذي» (٣/ ١٩).

<<  <   >  >>