للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجمعوا أنه لا حد في صلاة الليل، وأنها نافلة، فمن شاء صلى كيف شاء، استقل أو استكثر.

وقال العراقي (١): وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلماءُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مَحْصُورٌ، وَلَكِن اخْتَلَفَت


(١) «طرح التثريب» (٣/ ٣١١)، وهل يقال: إن هذا الإجماع منخرم لأن مالكًا وابن خزيمة وابن العربي والصنعاني قالوا بعدم جواز الزيادة على إحدى عشرة ركعة؟
وأجيب عنه: بأن الذي ورد عن مالك ما ذكره عبد الحق الإشبيلي، قال أشهب بن عبد العزيز: عن مالك: الذي آخذ به لنفسي في قيام رمضان هو الذي جمع به عمر بن الخطاب الناس إحدى عشرة ركعة، وهي صلاة رسول الله ، ولا أدري من أحدث هذا الركوع الكثير. ذكره ابن مغيث. «التهجد» لعبد الحق الإشبيلي (ص ١٧٦).
فهل يدل قول مالك: (ولا أدري من أحدث هذا الركوع الكثير) على أن الزيادة على إحدى عشرة ركعة بدعة عند مالك. لا يدل على ذلك لوجوه:
الأول: أن معنى (ولا أدري من أحدث هذا الركوع الكثير)، أي: كيف تدرج الأمر من إحدى عشرة ركعة إلى تسع وثلاثين، وليس المعنى أن الزيادة بدعة.
قال شيخ الإسلام : وأُبي بْنُ كَعْبٍ لما قَامَ بِهِمْ وَهُمْ جَمَاعَةٌ وَاحِدَةٌ - لم يُمْكِنْ أَنْ يُطِيلَ بِهِمْ الْقِيَامَ فَكَثَّرَ الرَّكَعَاتِ لِيَكُونَ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَجَعَلُوا ذَلِكَ ضِعْفَ عَدَدِ رَكَعَاتِهِ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُومُ بِاللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةً، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ النَّاسُ بِالمدِينَةِ ضَعُفُوا عَنْ طُولِ الْقِيَامِ، فَكَثَّرُوا الرَّكَعَاتِ حَتَّى بَلَغَتْ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ. «مجموع الفتاوى» (٢٣/ ١١٢ - ١١٣).
الوجه الثاني: لو كان الإمام مالك أراد أن الزيادة على الإحدى عشرة بدعة؛ لما أجاب الأمير حيث بعث إليه أن ينقص في صلاة التراويح عن تسع وثلاثين ركعة فمنع من ذلك. قال ابن القاسم: قَالَ مَالِكٌ: بَعَثَ إلَيَّ الْأَمِيرُ وَأَرَادَ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ قِيَامِ رَمَضَانَ الَّذِي كَانَ يَقُومُهُ النَّاسُ بِالمدِينَةِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ رَكْعَةً وَالْوِتْرُ ثَلَاثٌ. قَالَ مَالِكٌ: فَنَهَيْته أَنْ يُنْقِصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَقُلْتُ لَهُ: هَذَا مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ عَلَيْهِ وَهَذَا الْأَمْرُ الْقَدِيمُ الَّذِي لم تَزَلِ النَّاسُ عَلَيْهِ. «المدونة الكبرى» (١/ ٢٨٧).
الوجه الثالث: ومما يدل على أن مالكًا لم ينكر الزيادة على أنه يجوز التنفل بين الترويحتين:
قال ابن القاسم: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ التَّنَفُّلِ فِيمَا بَيْنَ التَّرْوِيحَتَيْنِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. اه.
فإذا كان الإمام ينكر الزيادة كيف يجيز الصلاة بين الترويحتين؟ =

<<  <   >  >>