للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال شيخ الإسلام في «الفتاوى» (٢٢/ ٢٧٢ - ٢٧٣): وَالْأَفْضَلُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ المصَلِّينَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ احْتِمَالٌ لِطُولِ الْقِيَامِ فَالْقِيَامُ بِعَشْرِ رَكَعَاتٍ وَثَلَاثٍ بَعْدَهَا، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ فِي رَمَضَانَ، وَغَيْرِهِ هُوَ الْأَفْضَلُ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَحْتَمِلُونَهُ فَالْقِيَامُ بِعِشْرِينَ هُوَ الْأَفْضَلُ، وَهُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِهِ أَكْثَرُ المسْلمينَ، فَإِنَّهُ وَسَطٌ بَيْنَ الْعَشْرِ وَبَيْنَ الْأَرْبَعِينَ، وَإِنْ قَامَ بِأَرْبَعِينَ وَغَيْرِهَا جَازَ ذَلِكَ، وَلَا يُكْرَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ فِيهِ عَدَدٌ مُوَقَّتٌ عَنِ النَّبِيِّ لَا يُزَادُ فِيهِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ، فَقَدْ أَخْطَأَ، فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ السَّعَةُ فِي نَفْسِ عَدَدِ الْقِيَامِ فَكَيْفَ الظَّنُّ بِزِيَادَةِ الْقِيَامِ لِأَجْلِ دُعَاءِ الْقُنُوتِ أَوْ تَرْكِهِ؟! كُلُّ ذَلِكَ سَائِغٌ حَسَنٌ. وَقَدْ يَنْشَطُ الرَّجُلُ فَيَكُونُ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ تَطْوِيلَ الْعِبَادَةِ، وَقَدْ لَا يَنْشَطُ فَيَكُونُ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ تَخْفِيفَهَا.
قال فضيلة الشيخ مصطفى بن العدوي حفظه الله في نهاية بحث عدد ركعات قيام الليل: هؤلاء الإخوان الذين يفارقون الإمام ويتركون الجماعات من أجل أن الأئمة يصلون عشرين ركعة، ظانين عند فراقهم للأئمة أنهم بمفارقتهم متبعو سنة رسول الله ، فليت شعري هل أمعن إخواني النظر في عموم الآيات والأحاديث، أم أنهم سمعوا كلمة إحدى عشرة فعضوا عليها بنواجذهم وغضوا الطرف عما سواها؟
إنه يشق علينا رؤية إخواننا الذين يفارقون الحرم وينصرفون بعد صلاة عشر ركعات!!
فإلى هؤلاء الإخوة المجتهدين عفا الله عنهم أقول وأذكر:
هل حظيتم معشر الإخوة بارك الله فيكم بحديث رسول الله : «مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ»؟!! هل قمتم الليل إلا قليلًا؟
هل قمتم أحب القيام إلى الله الذي هو قيام داود (ثلث الليل)؟
هل امتثلتم نصيحة رسول الله : «أعنِّي على نفسك بكثرة السجود»؟
هل أيقنتم بحديث رسول الله : «إنَّكَ لَنْ تَسْجُدَ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ خَطِيئَةً»؟
هل فهمتم قول رسول الله : «صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ»؟
هل قرأتم قوله : «لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ»؟
هل أنتم من الذين يبيتون لربهم سُجدًا وقيامًا؟
هل أنتم من القانتين آناء الليل ساجدين وقائمين؟
هل قرأتم أقوالٍ سلفكم الصالح في هذه المسائل؟
هل نظرتم قول مالك والشافعي وأحمد وغيرهم من أهل العلم والفضل؟
وأخيرًا فهل من مدكر، هل من إعادة نظر؟!
وقال الشيخ ابن باز: ولكن الأفضل وهو الأكثر من عمله أن يسلم من كل اثنتين ثم يوتر بواحدة، كما تقدم ذلك من حديث ابن عمر ﴿.
والأغلب من فعله أنه يوتر بإحدى عشرة ركعة، ويسلم من كل ثنتين وربما أوتر بثلاث عشرة كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث عائشة ل وثبت أيضًا أنه أوتر بثلاث عشرة من غير حديث عائشة …
ومن صلى أكثر من ذلك فلا حرج؛ لقوله : «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى» ولم يحد حدًّا في عدد الركعات التي يأتي بها المصلي قبل الوتر. فدل ذلك على التوسعة، فمن صلى عشرين وأوتر في رمضان أو غيره أو صلى أكثر من ذلك، فلا حرج عليه. وقد تنوعت صلاة السلف الصالح في الليل، فمنهم من يكثر الركعات ويقصر القراءة، ومنهم من يقلل الركعات ويطيل القراءة، وكل ذلك واسع بحمد الله ولا حرج فيه مع مراعاة الخشوع والطمأنينة. انظر «مجموع فتاوى ابن باز» (١١/ ٢٩٩).

<<  <   >  >>