للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقد صح عن أبي هريرة أنه قال: أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُهَا هُنَا بِخَمْسٍ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَأَرْقُدُ، فَإِنِ اسْتَيْقَظْتُ صَلَّيْتُ شَفْعًا حَتَّى أُصْبِحَ. وقد ورد هذا المعنى عن عمار بإسناد حسن.
وقد صح عن عطاء قال: أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ يُصَلُّونَ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ.
فهذا هو الذي فهمه الصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون في هذه المسألة.
استدلوا أيضًا بأن حديث: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» مطلق، ويقيد بفعل النبي .
سُئل الشيخ ابن عثيمين عن قول النبي : «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» وأن الحديث يدل على جواز الصلاة إلى عدد غير محدد؛ لأن هذا الحديث مطلق، وقد صلى النبي إحدى عشرة ركعة فهل يعد ذلك تقييدًا للحديث؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذا حديث مطلق، وفِعل النبي داخل في هذا المطلق، وفِعل بعض الأفراد على وجه لا يخالف الإطلاق لا يعد تقييدًا كما هو معروف عند الأصوليين، فأنت لو قلت: أكرِم رجلًا. وقلت: أكرم محمدًا: فلا يعني ذلك أن الحكم يتقيد بمحمد؛ لأنه داخل في أفراد المطلق، ولكن يصدق عليه أنك التزمت الأمر، وكذلك لو قلت: أكرِم الرجال، فأكرمت واحدًا بعينه، فلا يعتبر ذلك تخصيصًا، بل نقول: إذا ذُكر بعض أفراد العام بحكم لا يتنافى مع حكم العام، فليس هذا من باب التخصيص، فكذلك في التقييد. وقال في موضع آخر تعليقًا على الحديث: ولم يحدد له النبي عددًا مع أن الحال تقتضي ذلك؛ لأن الرجل السائل لا يعلم عن صلاة الليل كمية ولا كيفية، فلما بَيَّن له النبي الكيفية وسكت عن الكمية عُلم أن الأمر في العدد واسع، ولهذا اختلف عمل السلف الصالح في ذلك.
والقول بأنه لا تجوز الزيادة عن العدد الذي كان النبي يقوم به، وأن الزيادة عليه داخلة في قول النبي : «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ» قول ضعيف لما علمت من حديث عبد الله بن عمر ﴿وعمل السلف الصالح.
ولكن الأمر الذي ينبغي أن يُهتم به التأني في صلاة التراويح، وأن لا يُفعل ما يقوم به بعض الناس من الإسراع الذي قد يخل بواجب الطمأنينة، أو يمنع بعض المأمومين منها. فالذي ينظر في قول الأئمة يجد أن كلامهم يدور حول استحباب وأفضلية الإحدى عشرة ركعة أو الثلاث عشرة ركعة على غيرهما من الأعداد، ولم يفهموا من قول عائشة ل أن النبي ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة عدم جواز الزيادة أو أنها بدعة؛ لأنهم جمعوا ووفقوا بين الأدلة في الباب مع اعتبارهم لعمل وفهم السلف الصالح للنصوص. انظر «إضاءة المصابيح على عدد ركعات التراويح».

<<  <   >  >>