للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ يَوْمَ العِيدَيْنِ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المسْلمينَ وَدَعْوَتَهُمْ، وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ».

«وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ» أي: مكان الصلاة، فدل ذلك على منع الحائض من دخول المسجد.

واعترض على هذا الاستدلال: بأن المراد «وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ» أي: تعتزل الحائض الصلاة.

دل على ذلك ما رواه مسلم (١) عن أم عطية قالت: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ في الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، الْعَوَاتِقَ، وَالْحُيَّضَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ».

أي: أن المراد باعتزال الحيض المصلى هو حال الصلاة ليتسع المكان للنساء الطاهرات ثم يختلطن بهن بعد الصلاة (٢).

ثم إن الصلاة كانت في الفضاء وليست في المسجد.

حديث عائشة أن النبي جَاءَ وَوُجُوهُ بُيُوتِ أَصْحَابِهِ شَارِعَةٌ في المسْجِدِ، فَقَالَ: «وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ المسْجِدِ، فَإِنِّي لَا أُحِلُّ المسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» (٣)


(١) مسلم (١٢ - ٨٩٠).
(٢) شرح البخاري لابن رجب (٢/ ١٤٢).
(٣) ضعيف: أخرجه أبو داود (٢٣٢)، وابن خزيمة (١٣٢٧)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (٢/ ٦٧)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٢/ ٤٤٢) من طريق عبد الواحد بن زياد عن أفلت بن خليفة قال: حدثتني جسرة بن دجاجة، قالت: سمعت عائشة … به.
ولهذا الحديث ثلاث علل:
الأولى: تفرُّد جسرة بهذا الحديث، وقد قال البخاري: عند جسرة عجائب.
الثانية: في إسناده أفلت بن خليفة وإن كان قال فيه أحمد: لا بأس به، فقد قال ابن المنذر: أفلت لا يجوز الاحتجاج بحديثه. كما في «الأوسط» (٢/ ١١٠)، وقال ابن حزم: أفلت غير مشهور ولا معروف. كما في «المحلى» (٢/ ٢٥٣)، وقال الخطابي في «معالم السنن» (١/ ١٥٨): وضعفوا هذا الحديث وقالوا: أفلت راوية مجهول لا يصح الاحتجاج بحديثه.
الثالثة: أنه اختلف على جسرة، فرواه الأفلت عنها عن عائشة، ورواه ابن غنية عن أبي الخطاب الهجري عن محدوج الذهلي عن جسرة قالت: أخبرتني أم سلمة .. الحديث. أخرجه ابن ماجه (٦٤٥)، والطبراني في «الكبير» (٢٣/ ٣٧٣) (ح ٨٨٣)، وابن أبي حاتم في «العلل» (١/ ٩٩) وقال: قال أبو زرعة: يقولون: عن جسرة عن أم سلمة، والصحيح عن عائشة.
وقال ابن حزم في «المحلى» (٢/ ١٨٥): وأما مَحْدُوجٌ فَسَاقِطٌ يَرْوِي المعْضِلَاتِ عن جَسْرَةَ، وأبو الْخَطَّابِ الْهَجَرِيُّ مَجْهُولٌ. وسرد الطرق وقال: وهذا كُلُّهُ بَاطِلٌ.

<<  <   >  >>