للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحائض من دخول المسجد.

• القول الآخر: يجوز للحائض المكث في المسجد. وهو قول المزني من الشافعية (١) وقول الظاهرية (٢).

واستدلوا بما ورد في الصحيحين (٣) من حديث أبي هريرة قال: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا جُنُبٌ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ فَانْسَلَلْتُ فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فقال: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ؟» فقال له، فقال: «سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ إِنَّ المؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ».

فإذا كان المؤمن لا ينجس، فهو طاهر، فلا يُمنع من دخول المسجد.

وقد يقال: إن المؤمن لا ينجس، أي: طاهر بإيمانه طهارة معنوية، وإن المشرك نجس بالشرك.

واستدلوا بما روى سعيد بن منصور (٤) عن عطاء بن يسار قال: رأيت رجالًا من أصحاب رسول الله يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضئوا وضوء الصلاة.

وجه الدلالة: أنه إذا كان الجنب يجلس ويمكث في المسجد إذا توضأ، فكذا الحائض.

واعترض عليه: بأن الحديث في إسناده هشام بن سعد، وقد ضعفه غير واحد من أهل العلم.

وقد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ … ﴾ الآية، أي: أن الجنب لا يمكث في المسجد إلا مارًّا به، وهذا أرجح الأقوال في تفسير الآية، والله أعلم.

واستدلوا بما روى مسلم (٥) عن عائشة قالت: قال لي رسول الله : «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنَ المسْجِدِ» قَالَتْ: فَقُلْتُ: إِنِّي حَائِضٌ. فَقَالَ: «إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ في يَدِكِ».


(١) «المجموع» (٢/ ١٦٠).
(٢) «المحلى» مسألة (٢٦٢).
(٣) البخاري واللفظ له (٢٨٥)، ومسلم (٣٧١).
(٤) أخرجه سعيد بن منصور (٦٤٦)، وابن المنذر «الأوسط» (١/ ١٠٨) وفي إسناده هشام بن سعد، ضعيف الحديث.
(٥) مسلم (٢٩٨).

<<  <   >  >>