للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجماعة يفضي إلى أحد أمرين: إما ترك الجماعة الواجبة، وإما خروجه إليها، فيتكرر ذلك منه كثيرًا مع إمكان التحرز منه، وذلك مُنافٍ للاعتكاف؛ إذ هو لزوم المعتكف والإقامة على طاعة الله فيه.

حتى لو قيل بعدم وجوب الجماعة، فإن الجماعة من أعظم العبادات، وهي أوكد من مجرد الاعتكاف الخالي عنها بلا ريب، والمداومة على تركها مكروه كراهة شديدة (١).

وعن عائشة قالت: «السُّنَّةُ عَلَى المعْتَكِفِ: أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا، وَلَا يَشْهَدَ جَنَازَةً، وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً، وَلَا يُبَاشِرَهَا، وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ، إِلَّا لما لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا في مَسْجِدٍ جَامِعٍ» وفي لفظ: «إِلَّا في مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ» (٢).

واعترض عليه بأنه ضعيف.

وروى الدارقطني بسنده عن حذيفة مرفوعًا: «كُلُّ مَسْجِدٍ لَهُ مُؤَذِّنٌ وَإِمَامٌ، فَالِاعْتِكَافُ


(١) انظر: «المغني» (٤/ ٤٦١)، و «شرح العمدة» (٢/ ٧٣٥)، و «أحكام الاعتكاف» (ص ١١٩) للشيخ خالد المشيقح.
(٢) أصل حديث عائشة أخرجه البخاري (٢٠٢٦) من طريق عبد الله بن يوسف، ومسلم (١١٧٢) من طريق قتيبة بن سعيد، كلاهما عن الليث عن عقيل عن الزهري عن عائشة: أنه كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ … الحديث. وروى البيهقي في «السنن الكبرى» (٤/ ٣١٥) (٣٢٠) الحديث، وزاد قوله: «وَالسُّنَّةُ عَلَى المعْتَكِفِ: أَنْ لَا يَخْرُجَ إلا لِلْحَاجَةِ الَّتِي لَابُدَّ مِنْهَا، وَلَا يَعُودَ مَرِيضًا، وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً، وَلَا يُبَاشِرَهَا، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَمَاعَة، وَالسُّنَّةُ فِيمَنِ اعْتَكَفَ أَنْ يَصُومَ» من طريق يحيى بن بكير ونافع بن يزيد عن الليث به. أخرجه أبو داود (٢٤٧٣) بلفظ: «السُّنَّةُ عَلَى المعْتَكِفِ … » من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة به. وقال أبو داود: غَيْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ لَا يَقُولُ فِيهِ «قَالَتِ السُّنَّةُ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ جَعَلَهُ قَوْلَ عَائِشَةَ. اه.
قلت: أي جعل أبو داود هذا من قول عائشة وليست كلمة «السنة» التي تجعل هذا الكلام
لرسول الله ، وأورد الدارقطني في «علله» (٢/ ٢٠١) من طرق واهية، وقال: يقال: إن قوله: «من السنة للمعتكف … » إلخ. ليس من قول النبي ، أي: ليس من قول عائشة، وإنه من كلام الزهري، ومن أدرجه فقد وهم، والله أعلم.

<<  <   >  >>