قال يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (٢/ ١٧٨): ذكرت لأحمد بن حنبل سعيد بن منصور فأحسن الثناء عليه، وفَخَّم أمره وقد كنت أسمع سليمان بن حرب وهو بمكة - ينكر عليه الشيء بعد الشيء، وكذلك كان الحميدى لم يكن الذى بينه وبين الحميدى حسنًا، فكان الحميدى يخطئه في الشيء بعد الشيء من رواية ما يروى عن سفيان. قال الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٧/ ٢٠١): فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا فِيهِ إِخْبَارَ حُذَيْفَةَ ابْنَ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَدْ عَلم مَا ذَكَرَهُ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَتَرْكَ ابْنِ مَسْعُودٍ إِنْكَارَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَجَوَابَهُ إِيَّاهُ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: " لَعَلَّهُمْ حَفِظُوا " نَسَخَ مَا قَدْ ذَكَرْتُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَصَابُوا فِيمَا قَدْ فَعَلُوا، وَكَانَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ ﷿: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧]، فَعَمَّ المسَاجِدَ كُلَّهَا بِذَلِكَ، وَكَانَ المسْلمونَ عَلَيْهِ مِنَ الِاعْتِكَافِ فِي مَسَاجِدِ بُلْدَانِهِمْ، إِمَّا مَسَاجِدُ الْجَمَاعَاتِ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَاتُ، وَإِمَّا هِيَ وَمَا سِوَاهَا مِنَ المسَاجِدِ الَّتِي لَهَا الْأَئِمَّةُ وَالمؤَذِّنُونَ عَلَى مَا قَالَهُ أَهْلُ الْعِلم فِي ذَلِكَ. قلت: وكذلك أنكر ابن مسعود وهو من كبار الصحابة على حذيفة - رفعه هذا الحديث إلى النبي ﷺ بقوله: (لعلك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا). وخالفهم جماعة: فرووا الحديث موقوفًا وهم (عبد الرزاق، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومى، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر). أخرجه عبد الرزاق «المصنف» (٨٠١٦)، عن ابن عيينة، عن جامع بن أبي رشد، قال: سمعت أبا وائل يقول: (قال حذيفة لعبد الله) أى موقوفًا. وتابعه محمد بن يحيى بن أبي عمر، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومى، كما عند الفاكهى في «أخبار مكة» (١٣٣٤) ومحمد بن يحيى بن أبي عمر قال الحافظ: صدوق، صَنَّف المسند، وكان لازم ابن عيينة. لكن قال أبو حاتم. كانت فيه غفلة. وسعيد بن عبد الرحمن المخزومى ثقة. وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (٨٠١٤)، وابن أبي شيبة (٣/ ٩١) عن وكيع، والطبراني في «الكبير» (٩٥١٠) عن علي بن عبد العزيز، عن أبي نعيم، عن الثوري، عن واصل الأحدب، عن إبراهيم، قال: جاء حذيفة لعبد الله. أى موقوفًا.