(٢) «المغني» (٤/ ٢٩٢). قال ابن قدامة: ظَاهِرُ المذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ عَنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، سَوَاءٌ كَانَ المعْدُولُ إلَيْهِ قُوتَ بَلَدِهِ أَوْ لم يَكُنْ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَتَوَجَّهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يُعْطِي مَا قَامَ مَقَامَ الْخَمْسَةِ، عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَالطَّعَامُ قَدْ يَكُونُ الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ وَمَا دَخَلَ فِي الْكَيْلِ. قَالَ: وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ مُحْتَمَلٌ، وَأَقْيَسُهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ غَيْرُ الْخَمْسَةِ.(٣) قال ابن حزم في «المحلى» (٦/ ١١٩): وَأَجَازَ قَوْمٌ أَشْيَاءَ غَيْرَ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ قَوْمٌ: يُجْزِئُ فِيهَا الْقَمْحُ. وَقَالَ آخَرُونَ: وَالزَّبِيبُ، وَالأَقِطُ. وَاحْتَجُّوا بِأَشْيَاءَ مِنْهَا: أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّمَا يُخْرِجُ كُلُّ أَحَدٍ مِمَّا يَأْكُلُ وَمِنْ قُوتِ أَهْلِ بَلَدِهِ، فَقُلْنَا: هَذِهِ دَعْوَى بَاطِلة بِلا بُرْهَانٍ، ثُمَّ قَدْ نَقَضْتُمُوهَا لأَنَّهُ إنَّمَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ لا الْحَبَّ، فَأَوْجَبُوا أَنْ يُعْطِيَ خُبْزًا لأَنَّهُ هُوَ أَكَلَهُ، وَهُوَ قُوتُ أَهْلِ بَلَدِهِ، فَإِنْ قَالُوا: هُوَ غَيْرُ مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَرُ. قُلْنَا: صَدَقْتُمْ، وَكَذَلِكَ مَا عَدَا التَّمْرَ وَالشَّعِيرَ. وَقَالُوا: إنَّمَا خَصَّ ﵇ بِالذَّكَرِ - التَّمْرَ، وَالشَّعِيرَ؛ لأَنَّهُمَا كَانَا قُوتَ أَهْلِ المدِينَةِ. وَهَذَا قَوْلٌ فَاحِشٌ جِدًّا؛ أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَكْشُوفٌ؛ لأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ قَوَّلَهُ ﵇ مَا لم يَقُلْ؛ وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute