للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشنقيطي (١): «أما الناقة الحسنة التي رآها ، وأنها بدل من بعيرين، فهو من جنس الاستبدال بالجنس عملًا للمصلحة وهي لم تخرج عن جنس الواجب».

الدليل الثالث: روى البخاري (٢) عن أنس بن مالك أن أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنْ الْإِبِلِ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنْ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ الْحِقَّةُ وَعِنْدَهُ الْجَذَعَةُ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجَذَعَةُ وَيُعْطِيهِ المصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا بِنْتُ لَبُونٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ لَبُونٍ وَيُعْطِي شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيُعْطِيهِ المصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَيُعْطِي مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ».

قال ابن حجر (٣): «وَمَوْضِع الدَّلَالَة مِنْهُ قَبُول مَا هُوَ أَنْفَسُ مِمَّا يَجِبُ عَلَى المتَصَدِّقِ وَإِعْطَاؤُهُ التَّفَاوُتَ مِنْ جِنْسٍ غَيْر الْجِنْسِ الْوَاجِبِ، وَكَذَا الْعَكْس.

لَكِنْ أَجَابَ الْجُمْهُور عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ يَنْظُرُ إِلَى مَا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ في الْقِيمَةِ، فَكَانَ الْعَرْضُ يَزِيدُ تَارَةً وَيَنْقُصُ أُخْرَى لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ في الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ، فَلما قَدَّرَ الشَّارِعُ التَّفَاوُت بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبَ في الْأَصْلِ في مِثْلِ ذَلِكَ، وَلَوْلَا تَقْدِيرُ الشَّارِعِ بِذَلِكَ لَتَعَيَّنَتْ بِنْت المخَاض مَثَلًا، وَلم يَجُزْ أَنْ تُبَدَّلَ بِنْتُ لَبُون مَعَ التَّفَاوُتِ. وَاللَّهُ أَعْلم».

قال الشنقيطي: أما التعويض بين الجذعة والمسنة بشاتين أو عشرين درهمًا، فليس في هذا دليل على قبول القيمة في زكاة الفطر؛ لأن نص الحديث فيمن وجبت عليه سن معينة وليست عنده، أو عنده أعلى أو أنزل منها، فللعدالة بين المالك والمسكين جعل


(١) «أضواء البيان» (٨/ ٤٩٢).
(٢) البخاري (١٤٥٣).
(٣) «فتح الباري» (٣/ ٣١٣).

<<  <   >  >>