للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَدَاءُ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى مَنْفَعَةِ الْفَقِيرِ فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ لِلْحَالِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَالتَّنْصِيصُ عَلَى الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ كَانَ لِأَنَّ الْبِيَاعَاتِ في ذَلِكَ الْوَقْتِ بِالمدِينَةِ يَكُونُ بِهَا فَأَمَّا في دِيَارِنَا الْبِيَاعَاتُ تُجْرَى بِالنُّقُودِ، وَهِيَ أَعَزُّ الْأَمْوَالِ، فَالْأَدَاءُ مِنْهَا أَفْضَلُ».

قال ابن الهمام (١): لِلْإِنْسَانِ حَاجَاتٌ مُخْتَلِفَةُ الْأَنْوَاعِ، فَظَهَرَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ إبْطَالَ النَّصِّ بِالتَّعْلِيلِ بَلْ إبْطَالَ أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الشَّاةِ يَنْفِي غَيْرَهَا مِمَّا هُوَ قَدْرُهَا في المالِيَّةِ.

واعترض على هذا الاستدلال من وجهين:

الأول: أن الحديث لا يصح عن رسول الله .

الثاني: أن النبي حدد أصنافًا معينة ولو كانت تجزئ القيمة لقال: أو قيمته. ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: ٦٤] فدل ذلك على أن المراد الطعام وليس المال.

الدليل الثاني: عن الصُّنَابِحِيِّ الأحمسي قال: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ في إِبِلِ الصَّدَقَةِ نَاقَةً مُسِنَّةً فَغَضِبَ وَقَالَ: «مَا هَذِهِ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ارْتَجَعْتُهَا بِبَعِيرَيْنِ مِنْ حَاشِيَةِ الصَّدَقَةِ - فَسَكَتَ -. (٢).

وفي هذا الحديث دلالة على جواز أخذ القيمة، فإن استبدال الناقة بالبعيرين هذا إنما يكون باعتبار القيمة.

واعترض عليه بأن الحديث لا يصح عن النبي .

ثم لو صح الحديث فليس فيه دلالة لهم.


(١) «فتح القدير» (٢/ ١٩٢).
(٢) هذا الحديث اختلف فيه على قيس بن أبي حازم: فرواه مجالد بن سعيد عنه.
أخرجه أحمد «المسند» (٤/ ٣٤٩)، وابن أبي شيبة (٣/ ١٢٥، ١٢٦) ووقع تصحيف، فذكر بعد الصنابحي الأعمش، وابن أبي عاصم «الآحاد والمثاني» (٢٥٣٩) وقال: هذا حديث غريب، وأبو يعلى «المسند» (١٤٥٣)، والطبراني «الكبير» (٧٤١٧) من طريق عبد الله بن المبارك وعبد الرحيم بن سليمان عن مجالد بن سعيد عن أبي عبد الله الصنابحي مرفوعًا. وفيه مجالد بن سعيد وهو ضعيف. قال الحافظ: ليس بالقوي. ورواه إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم مرسلًا أخرجه البيهقي «الكبرى» (٤/ ١١٤) من طريق هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم مرسلًا.

<<  <   >  >>