للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا لذلك بالسنة: ففِي «الصحيحين» (١) من حديث طلحة يقول: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ، وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلَامِ، فَقال رَسُولُ اللهِ : «خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليوم وَاللَّيْلَةِ»، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا أَنْ تَطوَّعَ».

قال ابن المنذر: دل خبر طلحة … على أن صلاة العيد تطوع غير مفروض (٢).

قال الشوكاني (٣): واستدل القائلون بأنها سُنة بحديث «هل علي غيرها؟» قال: «لَا، إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» قلت: وحديث الأعرابي هو الصارف عند الجمهور من الوجوب إلى السنية.

قال ابن قدامة (٤): وَلِأَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَمَنْ وَافَقَهُ يَقْتَضِي نَفِي وُجُوبِ صَلَاةٍ سِوَى الْخَمْسِ.

والأدلة على ذلك كثيرة ومتوافرة تدل على أن الصلوات المفروضة في اليوم والليلة خمس لا غير.

• القول الثاني: أن صلاة العيد فرض عين، وهذا قول أحمد في رواية (٥) وابن حبيب المالكي (٦).

واستدلوا لهذا القول بعموم القرآن والسنة.

أما دليلهم من القرآن: فعموم قول الله ﷿: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾. قالوا: فصلِّ لربك: أي: صلاة العيد، وانحر: أي: اذبح، فصلِّ لربك، هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب (٧).

قال الكاساني (٨): قيل في التفسير: صَلِّ صَلَاةَ الْعِيدِ، وَانْحَر الْجَزُورَ، وَمُطْلَق الْأَمْر لِلْوُجُوبِ.


(١) أخرجه البخاري (٤٦، ١٨٩١)، ومسلم (١١).
(٢) «الأوسط» (٤/ ٢٥٢).
(٣) «نيل الأوطار» (٣/ ٣٦٨).
(٤) «المغني» (٤/ ٣٦٨).
(٥) «الإنصاف» (٢/ ٤٢٠)، و «الفتاوى» (٢٤/ ١٨٣).
(٦) «الشرح الكبير» للدسوقي (١/ ٦٢٨).
(٧) «نيل الأوطار» (٣/ ٣٦١)، و «سبل السلام» (٢/ ٤٩٥).
(٨) «بدائع الصنائع» (١/ ٢٧٤).

<<  <   >  >>