للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعْتُرِض عليه: بأنه قد اختلف أهل التفسير في ذلك: فمنهم من قال: ﴿فصل لربك﴾ أي: صلاة الصبح، ومنهم من قال: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ اجعل الصلاة لله، والنحر لله، ولا تشرك به أحدًا، ومنهم من قال: المراد ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ الصلاة هنا بمعنى الدعاء، وليس تأويل هذه الآية بأحد التأويلات أَوْلى من غيره.

ثم لو سلمنا أن المراد بقوله تعالى: ﴿فَصَلِّ﴾ أي: صلاة العيد، والأمر للوجوب، لكان له صارف، وهو قول الأعرابي للنبي : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ». فدل ذلك على أن صلاة العيد تطوع وليست فريضة.

قال الباجي (١): وَهَذَا نَصٌّ في أَنَّهُ لَا يَجِبُ مِنَ الصَّلَوَاتِ غَيْرُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لَا وَتْرٌ وَلَا غَيْرُهُ.

واستدلوا أيضًا بعموم قوله تعالى: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ وهذا أمر بالتكبير في العيدين، أمر بالصلاة المشتملة على التكبير الراتب، وهي صلاة العيدين (٢).

واعْتُرِض عليه: بأن هذا التأويل على خلاف ما عليه جمهور المفسرين.

قال القرطبي (٣): ومعناه الحض على التكبير في آخر رمضان في قول جمهور أهل التأويل.

قال ابن الهمام (٤): الِاسْتِدْلَالُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لأنه ظَاهِرٌ في التَّكْبِيرِ لَا صَلَاةِ الْعِيدِ، وَهُوَ يَصْدُقُ عَلَى التَّعْظِيمِ بِلَفْظِ التَّكْبِيرِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى خُصُوصِ لَفْظِهِ كَانَ التَّكْبِيرُ الْكَائِنُ في صَلَاةِ الْعِيدِ مُخْرِجًا لَهُ عَنِ الْعُهْدَةِ، وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ لِجَوَازِ إيجَابِ شَيْءٍ في مَسْنُونٍ، بِمَعْنَى مَنْ فَعَلَ سُنَّةَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّكْبِيرُ.

واستدلوا أيضًا بعموم قوله تعالى: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ أي: صلاة العيد.


(١) «المنتقى شرح الموطأ» (١/ ٣٧٣).
(٢) «الجامع لأحكام القرآن» (٢/ ٢٠٥).
(٣) «فتح القدير» (٢/ ٧١).
(٤) «تفسيره» (١٢/ ٥٤٨).

<<  <   >  >>