للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَطْعَنٌ لِأَهْلِ الْعِلم بِالْحَدِيثِ؟!

وقال ابن المنذر (١): دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ عَلَى أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَصَلَاةَ الْعِيدَيْنِ لَيْسَ مِنَ الْخَمْسِ، وَإِذَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ تَطَوُّعٌ، لم يَجُزْ تَرْكُ فَرْضٍ بِتَطَوُّعٍ.

وأما من قالوا بأن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة فيصلي الظهر.

فاستدلوا بأحاديث لا تصح عن رسول الله .

أما القول بأنه يرخص لأهل البوادي في ترك الجمعة إذا شهدوا العيد؛ فقد قال ابن عبد البر (٢): وَأَنَّ الرُّخْصَةُ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا مَنْ لم تَجِبْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ مِمَّنْ شَهِدَ الْعِيدَ مَنْ أَهْلَ الْبَوَادِي.

وأما القول بأنه إذا اجتمع العيد والجمعة فليس عليه جمعة ولا ظهر:

فاستدلوا بأثر ابن الزبير قال: عِيدَانِ اجْتَمَعَا في يوم وَاحِدٍ. فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا حَتَّى الْعَصْرَ فصلاهما ركعتين.

فهذا الأثر اختلف في سنده ومتنه ألوانًا، وقد حكم عليه ابن عبد البر بالاضطراب.

قال ابن عبد البر (٣): لَيْسَ في حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بَيَانٌ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ صَلَاةِ الْعِيدِ رَكْعَتَيْنِ لِلْجُمُعَةِ، وَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مَتْرُوكٌ مَهْجُورٌ، وَإِنْ كَانَ لم يُصَلِّ مَعَ صَلَاةِ الْعِيدِ غَيْرَهَا حَتَّى الْعَصْرِ، فَإِنَّ الْأُصُولَ كُلَّهَا تَشْهَدُ بِفَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَا في فَرْضٍ وَاحِدٍ لم يَسْقُطْ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، فَكَيْفَ أَنْ يَسْقُطَ فَرْضٌ لِسُنَّةٍ حَضَرَتْ في يَوْمِهِ؟ هَذَا مَا لَا يَشُكُّ في فَسَادِهِ ذُو فَهْمٍ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى مَعَ صَلَاةِ الْفِطْرِ


(١) «الأوسط» (٤/ ٢٩١).
(٢) «التمهيد» (١٠/ ٢٧٤).
(٣) «التمهيد» (١٠/ ٢٧٤).

<<  <   >  >>