آيَةً أو لِأَنَّهُ أمرٌ يخفى على غيرِه؟ صحيح أَنَّهُ آيَة ويخفى على غيره.
عَلَى كُلِّ حَالٍ: المسألة ليستْ بذاك، المسألة الَّتِي تؤخَذ من هَذِهِ الآيَة أنَّ الْإِنْسَان يُمْدَح إذا عَلِمَ لغةَ غيرِه زائدة، لكِن لَا شَكَّ أَنَّهُ علم، وَأَنَّهُ إذا تُوُصِّلَ به إِلَى أمر مقصودٍ فَهُوَ محمود كما تقدَّم، وإن توصل به إِلَى أمر مذمومٍ فَهُوَ مذمومٌ.
فمثلًا إذا كَانَ الْإنْسَان يَتَعَلَّم لغة غير العَربِيَّة فيُحِلّها محَلّ العربيَّة ويبدأ يخاطِب غيرَه بهَذِهِ اللُّغةِ فلَا شَكَّ أَنَّهُ مذموم ويُنهى عنه؛ لِأَنَّهُ يخالف الشرعَ من جهةٍ، ويخالف العقلَ من جهةٍ أخرى، فالأممُ الْآنَ تسعى بكل وسيلةٍ للحفاظِ عَلَى لغاتِها، بل إنَّهَا تسعى لإحياءِ لغاتها البائدةِ، مثلما يصنع اليهود الْآنَ يحاولون بشتَّى الوسائلِ أن يرجعَ قومُهم إِلَى اللُّغة العِبْرِيَّة، فكيف نُضَيِّع اللُّغةَ العربيَّة الَّتِي هِيَ لغة العالم، لغة العالم شرعًا - وليسَ قَدَرًا - ولهَذَا يَجِب عَلَى جميعِ العالمِ أن يتعلمَ اللّغةَ العَربِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْقُرْآن باللُّغةِ العَربِيَّةِ ولا يمكن فَهْمُه إِلَّا باللُّغة العربيَّة.
ولكِن نحن الْآنَ مَعَ الأسف نرَى أن غير اللُّغة العَربِيَّةِ هِيَ العالميَّة، مثلما أننا نرى الآنَ الشهورَ غير العَربِيَّة هِيَ العالمية؛ لأنَّنا فِي الحقيقةِ ما عَرَفْنا قَدْرَ أَنفسنا، وإلَّا فالمسلمونَ هم العَالَم فِي الحقيقةِ، هم العالم فِي دِينهم، وَفِي كتابهم، وَفِي تاريخهم، يَقُول الله تَعَالَى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ} لمَن؟ {لِلنَّاسِ}[البقرة: ١٨٩]، وليس العرب وحدهم {مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ}، وقال تَعَالَى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ}[التوبة: ٣٦]، متى؟ {يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}، وقد فَسَّرَهَا الرَّسُول عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بهَذِهِ الأشهرِ العَربِيَّة، لكِن (١):