للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الآيَة قراءة ثانية: (أَلا يا اسجدوا لله) وتكون (ألا) استفتاحية و (يا) حرف نداء، والنداء محذوف، والتَّقْدير: ألا يا قوم اسجدوا لله، أو تكون (يا) للتنبيه، نظيره قوله تَعَالَى: {يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس: ٢٦]، وقوله تَعَالَى: {يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ} [النِّسَاء: ٧٣]، فإن (يا) هَذهِ إمَّا أن تكون للتنبيهِ؛ لِأَنَّهَا لا تدخلُ عَلَى الأفعالِ ولا عَلَى الحروفِ، وَإمَّا أن تكون للنداء والمنادى محذوف.

قوله: {الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ} قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [مَصْدر بمعنى المخبوء مِنَ المطرِ والنباتِ {فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ} فِي قُلُوبِهِم {وَمَا تُعْلِنُونَ} بِألسِنَتِهِم]، قوله: {الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ} الخَبْء بمعنى المخبوءِ؛ كما قَالَ المُفَسِّر، فَهُوَ مصدر بمعنى اسمِ المَفْعُول، والمصدرُ بمعنى اسمِ المَفْعُول واردٌ فِي اللُّغة العربيَّة كثيرًا، ومنه قوله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: ٦]، أي: محمولٍ؛ لِأَنَّ الحملَ فِعل المَرْأَةِ، وَأَمَّا المحمولُ فَهُوَ الجنينُ، وكذلك قوله: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤].

ومنه قولُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" (١) أي: مردود، ومنه أيضًا قول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: ١١]، {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} أي: مخلوقه وَلَيْسَ فِعْلَه.

قوله رَحَمَهُ اللَّهُ: [مِنَ المطرِ]، هَذَا باعتبارِ المخبوءِ فِي السَّمَاء، [والنبات]، هَذَا المخبوء فِي الْأَرْض، فاللهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالى هُوَ الَّذِي يُخْرِجُ ما فِي هَذَا وما فِي هَذَا، {فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ} فِي قلوبهم {وَمَا يُعْلِنُونَ} بألسنتهم].

ولم يُشِرِ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ إِلَى القراءةِ الثَّانِيَةِ وهي سبعيَّة فِي قوله: "يخفون"


(١) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>