للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولًا: ما اشتهر عندَ أهلِ العلمِ من أنَّ الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى جعلها فِي ستة أيامٍ ليُعَلِّمَ العبادَ التأنِّيَ فِي الأُمُورِ، وأن المهمَّ إحكام الأَمْر لا التعجيل فيه.

وشَيْء آخر: أن خلقَ هَذِهِ الأَشْيَاء يحتاج إِلَى أَسْبابٍ ومكوِّناتٍ تتفاعل وتنتهي إِلَى الكمال، فلهَذَا صارت فِي ستة أيام.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} فقال له: انظُرْ إِلَى السَّمَاء، فنظر إليها، ثُمَّ رَدَّ بِطَرْفِهِ فوجده موضوعًا بين يديه، ففي نظره إِلَى السَّمَاء دعا آصَفُ بالاسمِ الأعظمِ أن يأتيَ اللهُ به، فحصلَ بأن جَرَى تحت الْأَرْض حَتَّى نبعَ تحتَ كُرْسِيِّ سُلَيمَان]، الله أكبرُ! هَذِهِ القِصص غرائبُ! أولًا هل هَذَا الَّذِي عنده علم من الكتاب قَالَ لسُلَيمان: انظر إِلَى السَّمَاء؟ ! لا دليل عَلَى هَذَا، وَلَيْسَ هناك حاجة إِلَى أن يَقُول له: انظرْ إِلَى السَّمَاء، فقوله: {قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} بأيّ نظرٍ أدرتَ طرْفك إليه.

ثانيًا: يَقُول رَحِمَهُ اللَّهُ: إنَّهُ جرى تحت الْأَرْض حَتَّى نبع تحت الكرسيّ، فيجوز أَنَّهُ جاء من تحت الْأَرْض، ويجوز أَنَّهُ جاء من فوق الْأَرْض، أو جاء من محلٍّ عالٍ جدًّا ونزل، كُلّ هَذَا لا ينبغي الجزمُ به، بل يقال: إن الله عَلَى كُلّ شيءٍ قدير، المهمّ أن العَرْش حَضَرَ فِي لحظةٍ قبلَ أنْ يَرْتَدَّ إليه طَرْفُه.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} أي: ساكنًا]، هَذهِ أشكلتْ عَلَى النحْويِّين؛ لِأَنَّهُم يَقُولُونَ: إنَّ من قواعدهم: إذا كَانَ الظرف أو الجارّ لمجرور مُتَعَلَّقُهُ عامًّا فَإِنَّهُ يَجِب حَذْفُه، مثلًا تقول: زيد فِي البيت، لا يجوز أن تقول: زيد كائنٌ فِي البيت، بل يَجِب حذف (كائن)؛ لِأَنَّهُ عام، أَمَّا إذا كَانَ خاصًّا مثل: زيد محبوس فِي البيت، فيجب ذِكْرُه؛ لِأَنَّ (محبوس) لو حُذفت ما دلَّ عليها دليل، بخلاف: زيد فِي البيت، فَإِنَّهُ بمجرد النطق به يتبين للمُخَاطَب أن المَعْنى كائن فِيهِ أو موجود فيه،

<<  <   >  >>