للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المُفَسِّر بتقدير كائنة أنَّ الظرفَ فِي قوله: {مَعَ سُلَيْمَانَ} فِي موضع الحالِ، يعني أسلمتُ حالةَ كوني {مَعَ سُلَيْمَانَ} للهِ ربِّ العالمينَ، وهنا تعتبر مسلمة، فإذا قَالَ الرجل: أسلمتُ، ولو لم يَقُلْ: أشهدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ فقدْ أسلمَ، قَالَ تَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: ١٤]، فإذا عَّبر الْإِنْسَان عن العَمَلِ بما يَدُلّ عليه من فعل حُكِمَ عليه به، ولهَذَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ لإِنْسَانٍ: حلفتُ عليك أن تفعل كذا، صار يمينًا، لو لم يقلْ: واللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالى، أو قال: حلفتُ لا أفعل كذا، صار يمينًا، وإن لم يقل: بالله؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الفِعْل، فإذا قَالَ: أسلمتُ، صار إسلامًا، وإنْ لم يقلْ: أشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وأن مُحَمَّدًا رسول الله.

إِذَنْ: قوله: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فِيهِ أَنَّهَا أسلمتْ إسلامًا كاملًا، حَيْثُ أقرَّت بألوهيَّة الله فِي قولها: {لِلَّهِ} وبربوبِيَّتِهِ الْعَامَّة فِي قولها: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

قَالَ المُفَسِّر: [وأراد تَزَوُّجَهَا فكَرِهَ شعرَ ساقيها، فعَمِلَتْ له الشياطينُ النُّورَةَ فأزالتْه]، الحقيقة أن هَذِهِ مشكلة! بقِينا فِي الشعر وجاءتنا هَذِهِ البليَّة! يَقُول: [فعَمِلَت له الشياطين النُّورة]، والنورة تزيل الشعرَ، ويقال: إن أوَّل مَن عُمِلت له النُّورة ساقُ بِلْقِيس بأمرِ سُلَيْمَان حَيْثُ إن الشياطين عمِلتها له. وكل هَذَا كذِب ويجب أن يُنَزَّه كلام الله عن مثلِ هَذِهِ الأَشْيَاء.

وموقفنا مَعَ مثل هَؤُلَاءِ العُلَماءِ أن نسألَ اللهَ لهم العفوَ وأن اللهَ يسامحهم؛ لِأَنَّ كونهم يَضَعون فِي كلام الله مثل هَذِهِ الأُمُور، فهَذَا من الأَشْيَاء الَّتِي يَتَنَقَّصُ بها الْإِنْسَان كلامَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وأكثرُ ما وردتْ هَذِهِ كما قَالَ ابنُ كثيرٍ فِي هَذَا الموضع عن رجلينِ، وهما كَعْبُ الأحبارِ ووَهْبُ بنُ مُنبَّهٍ، فإنهما أدخلا كثيرًا من الإسرائيليات

<<  <   >  >>